عبد الجليل سليمان

بين سلة (الفكي)، وسلة الغذاء

[JUSTIFY]
بين سلة (الفكي)، وسلة الغذاء

كنت أظن أن (المتعافي) أحد أبرز تنفيذيي الإنقاذ في الحقب السالفة، لم يكن يمتلك خططاً ولا برامج واضحة إبان توليه (ولاية الخرطوم)، وحتى خلال تسنمه وزارة الزراعة، ومصدر ظني هذا أن كل ما صدر عنه خلال هاتيك مكوثه في هاتيك الحقيبيتين لسنوات طويلة، كان محض نُثار خشب (نشارة) لا أكثر، ربما أقل.

لكن توصيفي هذا، ظل محض ظنون، لذلك ولأن – كتابة الظنون أمر شائك ومعقد، أمسكتُ عن (المتعافي) إلاّ فيما ندر، ثم ما كان لي من سبب يبرر كتابته بعد مغادرته سماء المواطنين وأرضهم. لكن تلخيصاً لحوار بينه وبين الطاهر التوم، نشرته يومية السوداني – أمس الجمعة – أعاده إليّ مُقنطراً بالثابتة والفنيّة القاضية – فالرجل غير مثقف، ودرس الطب ومارس العمل السياسي دون رغبته، قال ذلك بـ(عضمة لسانه)، وأوغل في ترف الحديث أكثر، وكشف عن أنه لاعب (سلة) ماهر، فكان هذا بالنسبة لي كشفاً عظيماً، جعل صورته الشهيرة بالـ(سايد كاب) وهو في وسط الحقول تتأرجح في ذهني حتى إذا ما استعدلتها كان الحقل (ملعب) وحفنة القطن التي بيده اليسرى (كرة سلة)، لكن خيالي لم يحمله إلى تسديد (أسكور) واحد، ولا نقطة واحدة، كل ما في قبضته كان يذهب خارج (البورد)، (بورد الولاية، وبورد الزراعة).

دع عنك هذا، فالرجل الذي قضى نحبه وهو يفعل أشياءً ضد رغبته، أشياء لا تعبر عنه، لا يمكنه أن يفعل أشياءً تعبر عن حلم الوطن والمواطن، ومن هنا بدأت ظنوني بعدم كفاءة الرجل تتحول إلى حقائق، خاصة وأنه كان مُتنازع بين الطب والعلاج الروحاني، وفي هذا إذا استطراداً – يمكنك قراءة العبارة بطريقة أخرى بشرط ان تستخدم مفردتي (دكتور وفكي) في سياقهما الصحيح.

المتعافي، قال: إن رغبته في دراسة الطب النفسي الموصول بالعلاج الروحي بـ(القرآن والدعاء والرقية) كرستها فيه (حالة جنون) أصيب بها (رجل ما)، فذهب برفقته إلى (الكريدة) لتلقى العلاج على يد الشيخ محمد أحمد، فكان أن شُفي المريض على يديّ الشيخ.

بالنسبة لي، أهم ما في الكشف (المتعافي) العظيم، هو أنه لم يحقق في أي من رغباته، بل مضى ضدها، وأهم تلك الرغبات هي أن يكون (لاعب سلة وفكي).

يبدو أن هاتين الرغبتين، ظلتا تؤرقان مضحع الوزير السابق، فقرر أن يحقق رغبته القديمة في (لعب السلة) بتوليه منصب وزير زراعة (سلة غذاء العالم)، فأصابها إصابة بالغة، خاصة وأنه كان يلعب في هذا المجال دون مهارات وقدرات، فاستعان برغبته الأخرى(فكي)، فاشتعل على الزراعة شغلاً غيبياً وروحانياً بعيداً عن الواقع – فكان أن ثقب سلة غذاء العالم و(جاب) للمواطنين نفسيات.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي