جمال علي حسن

ندوة التحالف.. الخطأ مشترك


[JUSTIFY]
ندوة التحالف.. الخطأ مشترك

المنطق يقول إن الحكومة والحزب الحاكم يجب أن يكونوا وقبل أن يتخذوا قرار بتنشيط لغة الحوار والدخول في مرحلة جديدة قد هيأوا أنفسهم لسماع نغمات سياسية جديدة ورأي آخر معارض للنظام وله خطابه الذي يريد أن يطرحه للجماهير.

هذه قضية محسومة ومن لم يتهيأ لسماع الرأي الآخر فلا يجب أن يتحدث عن مناخ جديد إطلاقا، أما ضرورة ضبط وتنظيم الممارسة السياسية والتي قد تحكمها لوائح وترتيبات إجرائية فإن ذلك يعتبر أمرا مفهوما.

تحالف القوى المعارضة بعد أن قرر تنظيم ندوته السياسية تلك، حسب تصريحات المؤتمر السوداني، قام بإرسال خطاب أظنه طلبا للتصديق بالندوة حسب تصريحات الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر السوداني..

وفي تصريحه نفسه الذي أوردته بعض وكالات الأنباء يقول إنهم لم يتلقوا الرد من الجهات الرسمية فقرروا إقامة الندوة وطبعا قررت الجهات الرسمية تلك عدم إقامتها وحدث ما حدث.

في اعتقادنا أن الخطأ مشترك من الطرفين، فالأجهزة السياسية للحكومة وطالما أنها بدأت تقدم وتطرح خطابها الجديد وتمضي نحو ما يسمى بالمناخ الجديد، مناخ الحوار مع الجميع، فإن هذه الدعوة تعني بالضرورة الاعتراف بكل من تم تقديم الدعوة لهم للمشاركة في الحوار باعتبارهم يمثلون قوى سياسية موجودة ولها صوتها ووزنها الذي يجعل الحكومة تدعوها للحوار.

وبالتالي كان واجبا عليهم أن يتخذوا ترتيبات جديدة في إجراءات التصديق للنشاط السياسي بحيث يصبح الأمر ممكنا ومتاحا، خاصة وأن ذلك النشاط قد يكون بهدف التواصل بين تلك القيادات المعارضة وجماهيرها للخروج بموقف تجاه الحوار مثلا، وقد يكون بهدف تعزيز موقفهم أو ممارسة نشاطهم المعارض في حدوده القانونية.. حتى ولو لم ينضموا للحوار الآن فإن ذلك لا ينفي أنهم يمثلون كيانات سياسية وأحزابا مسجلة وموجودة ومن حقها ممارسة نشاطها في الأوضاع الطبيعية.

لا يجب أن يتأخر الرد الرسمي على الطلب المقدم بالرغبة في إقامة ندوة سياسية سواء بالموافقة أو الرفض.. لكن كان من الواجب أن ترد السلطات مبدءا على هذا الطلب، لأن تقديمه يعني إقرارا من قوى التحالف بقناعتها بالسير في المسار الصحيح، مسار الحصول على التصديق كخيار أساسي قبل خيار إقامة الندوة بدون تصديق وبتحد للسلطات هو الذي تسبب في ما حدث وكان من الممكن أن تعتذر السلطات عن الموافقة على الندوة مع ذكر الأسباب حتى لو قالت إن الأسباب أمنية، فالتقديرات الأمنية العامة في بلد يخوض حروبا وبه مجموعات مسلحة هي تقديرات يمكن تفهمها في الظرف المحدد الذي يستدعي اعتذار السلطات عن الموافقة على قيام الندوة في المكان والزمان المحددين واقتراح مكان وزمان آخرين.. و(يا دار ما دخلك شر) .

لكن تصادم الخطاب السياسي مع الواقع العملي والإجرائي يفضي إلى نتائج سالبة ربما تؤثر حتى في قناعات تلك القوى التي قررت الدخول في الحوار نفسها دعك من قوى تحفظت على التجاوب مع مبادرة الحوار من أصلها.

وقضية تأثير مثل هذه الأحداث في قناعات من انخرطوا في الحوار عبرت عنه بعض التصريحات اللاحقة في التعليق على الحدث، إذ أوردت وكالات الأنباء أمس تصريحا للمتحدث باسم المؤتمر الشعبي كمال عمر يستنكر فيه على الحكومة ما حدث في ندوة شمبات في الوقت الذي كانت صحف الخرطوم تنقل فيه تصريحات إيجابية تشهد بالتغيير على لسان كمال عمر نفسه حول لقاء الترابي بقيادات الحزب الحاكم يوم الجمعة.

إن مناخ المرحلة الجديدة لا يزال يحتاج للكثير من الضبط في مفاتيح إيقاعه حتى ينتج مقطوعة سياسية متناغمة اللحن.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي