تحقيقات وتقارير

السلام أم العدالة أولاً؟!

[ALIGN=JUSTIFY]رسم مسؤولان اميركيان صورة قاتمة لمستقبل الاوضاع في السودان، واستبعدا إمكانية ان تقدم العاصمة الاميركية حلولاً للمشاكل السودانية، او خريطة طريق، وكذا تطبيعاً قريباً بين واشنطن والخرطوم. وقال أحدهما ان النفط السوداني، جعل الخرطوم تبدو مثل عواصم دول الخليج فيما تعيش اقاليم أخرى، ومن بينها دارفور في العصر الحجري.
وقال ريتشارد وليامسون مبعوث الرئيس الاميركي للسودان إن بلاده لا يمكن أن تفرض حلولاً، واستبعد ضمنياً تطبيع العلاقات بين أميركا والسودان إذا لم تحل مشكلة دارفور وتتم تسوية مشكلة ابيي والتطبيق الكامل لاتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، وتجاهل وليامسون سؤالاً حول ما إذا كان هناك تطبيع سيحدث خلال ما تبقى من فترة الرئيس الاميركي جورج بوش.
وأضاف وليامسون الذي كان يتحدث في ندوة نظمها »معهد السلام« في واشنطن حول السودان، إن حل مشكلة دارفور يتمثل في تغيير الاوضاع على الارض وانتشار قوات يوناميد (قوات مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي) ثم بعد ذلك فتح حوار سياسي مع فصائل دارفور. بيد أنه اشار الى أن نشر 26 الف جندي أممي وافريقي في دارفور لا يمكن ان يكون الجواب اذا لم تتوفر إرادة سياسية لحل المشكلة، لكنه قال »على الرغم من ذلك يجب دفع يوناميد من أجل تغيير الأوضاع على الارض في دارفور للوصول الى سلام في الاقليم«.
وانتقد وليامسون، عبد الواحد محمد نور رئيس «حركة تحرير السودان»، وقال إنه يقيم في باريس ويطالب بأموال ولا يرغب المساهمة في مساعي السلام. وحول نزاع ابيي قال وليامسون انه أصر على زيارة المنطقة على الرغم من ان السلطات السودانية لم تكن متحمسة لهذه الزيارة، واشار في هذا الصدد الى جدال دار بينه وبين نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية والمسؤول عن ملف دارفور وأحد الشخصيات النافذة في السلطة.
وذكر وليامسون أنه وجد ان 95 في المائة من منازل المنطقة قد احرقت وان الوضع كان مأساوياً على حد قوله. وقال إن مشكلة ابيي تتحكم فيها العوامل المحلية وليس الخرطوم، ونوه بالدور الذي لعبه سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب لتهدئة نزاع ابيي، وقال إن الطرفين (الشمال والجنوب) يجب أن يعملا معاً مؤكداً أنهما لا يرغبان في العودة الى الحرب، على الرغم من التحديات التي تواجه تطبيق اتفاقية السلام الشامل. وقال وليامسون إن المشكلة الاساسية بالنسبة لمنطقة ابيي والنزاع بين الشمال والجنوب هي عدم وجود خرائط تنظم الحدود بين الجانبين. ولخص وليامسون الوضع بقوله »هناك تاريخ طويل في السودان وهناك ايضاً تاريخ حافل بالاقتتال«.
أما اندرو ناتسيوس المبعوث الاميركي السابق للسودان، فقد كان أكثر صراحة خلال الندوة نفسها في تناوله الوضع، وتوقع في هذا الصدد ان ينفصل الجنوب عن الشمال، وقال »الجنوبيون يقولون الآن إنهم تعبوا و سيصوتون في الاستفتاء الذي سيجرى عام 2011 مع الانفصال«، وحذر ناتسيوس من ان الشمال نفسه ربما يعرف انقسامات، بيد انه قال إن جبال النوبة ومنطقة النيل الازرق ستبقيان مع الشمال، وقال إن الولايات المتحدة لا يمكن ان تحل مشاكل السودان لكنها ستعمل من أجل الحل. وحول نزاع أبيي كشف ناتسيوس النقاب عن ان 500 من رجال قبائل المسيرية انضموا الى قوات الحركة الشعبية »بعد ان شعروا بالاحباط من سياسات الخرطوم« على حد قوله.
ورأى ناتسيوس إنه في حالة انفصال الجنوب فإن النفط في الشمال سيبقى في ابيي فقط، وهو سينضب في هذه المنطقة عام 2019. وقال إن النفط السوداني على غرار نفط فنزويلا يحتاج الى تكنولوجية اميركية، لذلك تعيد الصين والهند تكرار ما تستوردانه من نفط سوداني، مشيراً الى هذا السبب وراء تدني اسعاره حيث تشتريه الصين بواقع 35 دولاراً للبرميل في الوقت الذي تجاوز سعر البرميل في الاسواق العالمية حدود 130 دولاراً.
وقال ناتسيوس إن النفط جعل الخرطوم تبدو مثل عواصم الخليج في حين أن منطقة دارفور واقاليم اخرى ما تزال تعيش في العصر الحجري، على حد قوله. وتحدث ناتيوس عن ان بعض دول الجوار تتدخل في الشؤون الداخلية السودانية ولهم علاقة بالنزاع في دارفور، مشيراً الى ان ليبيا وتشاد واريتريا تنفق اموالاً ولها مجموعات موالية على الارض، والاشكال ان الدول الثلاث ليست لديها تصورات لحل النزاع.
وأفاد إنه زار ليبيا في نوفمبر الماضي من أجل حث الليبيين للتعاون من أجل استتباب الأمن وقال إنه وجد تجاوباً، واشار إن هناك تيارين داخل النظام الحاكم في الخرطوم، تيار متشدد وآخر معتدل يريد تسوية المشاكل، وفي رأيه أن الرئيس عمر البشير بدأ يتحول نحو المعتدلين.
وحذر ناتسيوس من تداعيات قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين السودانيين، وقال إنها تعقد الأمور لان ما يريده السودانيون هو السلام وليس العدالة،وعملها ليست له أولوية والمهم ألا يتكرر ما حدث.
واشنطن- وكالات :الصحافة
[/ALIGN]