حيدر المكاشفي

لا تكن كابتن كابو ..بل كن لينكولن

[JUSTIFY]
لا تكن كابتن كابو ..بل كن لينكولن

ليت لدينا جهة تُعنى بتتبع ورصد حالات الانتحار التي تقع في أوساط المجتمع، ما نجح منها وما فشل وتم إنقاذه، لتقف هذه الجهة على أسباب وملابسات ودوافع كل منتحر على حدة، تدرسها وتحللها وتخلص إلى نتائج وتوصيات تعين على معالجة هذه الفعلة الشنيعة المحرمة، فقد راعني أن نسبة المنتحرين في تزايد وبطرائق مختلفة، من يلقي بنفسه في النيل ومن يعلق رقبته في أعلى السقف ومن يقذف بها من علو شاهق ومن تتجرع الصبغة…الخ، بشكل لم يكن معهوداً إلى وقت قريب، ما يعني أن الأسباب الدافعة للانتحار أيضاً في تزايد، وهي لا شك أسباب مختلفة يعنينا منها هنا ما كان بسبب الإحساس بالفشل في تحقيق شيء ما أو إنجاز مشروع ما، فيقرر من يسيطر عليه هذا الإحساس القاتل وضع حد لحياته بالانتحار. ويقيني أن هؤلاء الغافلين الضعفاء لو كانوا يدركون أن الفشل هو أول عتبات النجاح، لما فكروا في الانتحار ابتداءً، وتحضرني بهذه المناسبة حكايتان متقاطعتان تكشف المفارقة بينهما أن الفشل لا يعني نهاية الحياة بل بداية حياة جديدة. حكاية كابتن كابو في مسرحية (نقابة المنتحرين) تجسد حالة من يتوهمون أن الفشل هو نهاية المطاف وأنه قدر محتوم لا فكاك منه، فنجم الكرة المعروف (كابو) الذي طبقت شهرته الآفاق، عندما حانت لحظة مغادرته الميادين واعتزال الكرة، ووجد أن الأضواء قد انحسرت عنه ولم تعد فلاشات المصورين تطارده أينما حل وارتحل ولم يعد هو النجم الذي تلتف حوله الجماهير ويخطب وده الإداريون، بل لم يعد أحد يسأل عنه أو يأبه به، بدلاً من أن يفتح صفحة جديدة ويبدأ عملاً آخر ولو في مجال الكرة نفسه، قرر الانتحار للغباء المؤسف، والمثال الآخر كان لشخص خاض حرباً شرسة مع الفشل، فلم يصرعه فحسب وإنما أصبح رئيساً لأكبر دولة في العالم. ? فشل أولاً في التجارة حين زاولها أول مرة وكان عمره أربعة وعشرين عاماً. ? وفشل فيها مرة أخرى فشلاً ذريعاً وخسر كل أمواله حين بلغ الواحدة والثلاثين. ? ثم كرر الفشل للمرة الثالثة حتى أصيب بانهيار عصبي في سن السادسة والثلاثين. ? ثم هجر التجارة واتجه إلى السياسة. ? ترشح لدخول الكونغرس لأول مرة في عمر الثمانية والثلاثين ولكنه فشل. ? ترشح للمرة الثانية وفشل أيضاً وكان قد بلغ الأربعين. ? وللمرة الثالثة يفشل في دخول الكونغرس وعمره اثنان وأربعون عاماً. ثم رابعة وخامسة. ? ثم فشل في أن يحظى بمقعد نائب الرئيس وكان قد ناهز الخمسين. ? ثم أخيراً نجح في أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. ? إنه إبراهام لينكولن الملقب بمحرر العبيد. سئل العالم أديسون عن عدد المحاولات الفاشلة التي خاضها قبل أن يصل لاختراع المصباح، قال 999 مرة ولم أيأس ولم أعتبر نفسي فاشلاً طوال هذه ال 999 محاولة، لأنني مع كل محاولة كنت أتعلم إلى أن نجحت أخيراً في اكتشاف الذي أضاء لياليكم.. فتأملوا وتعلموا ولا تيأسوا وتستسلموا وتقنطوا فتذهب ريحكم.
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي