سعد الدين إبراهيم

إحماء ديموقراطي

[JUSTIFY]
إحماء ديموقراطي

ذات يوم دعوت إلى ندوة شعرية في إحدى الجامعات.. حقيقة لم أسال عن تفاصيل من أقام الندوة.. إنهم طلاب من الجامعة.. عندما وصلنا إلى المكان عرفت أن الندوة ضمن الأعمال الثقافية التي تسبق الانتخابات.. ووجدت المكان يعج بملصقات تدعم برنامج الحزب الذي تنتمي إليه الندوة.. هو حزب الحكومة.. وكان معي الصديق عبدالوهاب هلاوي.. الذي لم يكترث للأمر: فقد جاء ليقول شعراً ولا يهمه هوية الداعي.. لكنى وجدت نفسي في مأزق.. كان اختباراً ديموقراطياً حقيقياً.. ساعد ذلك أنني لم أكن أنتمي إلى حزب سياسي.. بل انتمي إلى تيار اليسار العريض أو سمه اليسار الجديد ذلك الذي يختلف مع القديم في موقفه من أمريكا ودول الغرب.. ويسعى إلى المودة مع الشعب الأمريكي والشعوب الغربية بمعزل عن الرأي القديم المفضي إلى عداوة أمريكا باعتبارها موئلاً للإمبريالية وحاضناً للرأسمالية البغيضة لكنني في ذات الوقت لا أنتمي لحزب الحكومة وإن لم نتصادم فلكون أنني لا أنتمي لحزب سياسي ليس بيني وبين الإنقاذ تارات وإحن.. لا يجعلهمم يتوثبون ضدي إلا فيما يتعلق بمهامي بصفتي رئيساً للتحرير في زمن ما .. المهم كانت خيارات متعددة أهمها يتمثل في أمرين أن أشارك في الندوة أو أنسحب!.. وكان عليّ اتخاذ قرار سريع وحاسم.. فقلت لأشارك ولأحكي للحضور الموقف.. وقد كان حكيت لهم.. بأنني لو فعلاً قررت دعم مكون سياسي لدعمت التحالف فهم الأقرب إلى تاريخي ووجداني آنذاك.. في ذلك الوقت لم «تنفرز الكيمان» وكانت الوعود سائدة وكنا مع الوعود الحالمة..

ارتحت فقد تجاوب رواد الندوة مع كلامي وصفقوا

طويلاً.. وقلنا أشعارنا بمنتهى الحرية.

وبعد الندوة تحلق حولي الطلاب وسألني أحدهم: طيب لو كنت تعرف اتجاه الندوة هل كنت ستشارك؟.. حدثته عن الإحماء الديموقراطي الذي قمت به قبل الندوة.. وقلت له: يجب أن نختلف سياسياً فهذه سنة الحياة.. لكن يجب أن نتقبل بعضنا.. ينبغي أن لا نضطهد من يخالفونا الرأي.. قال: ولكنهم لا يفعلون ذلك يضطهدون الآخر.. قلت له: هذا لا ينبغي أن يجعلنا نحذو حذوهم.. فنحن نتصرف بوحي من ضميرنا لا بناء على مواقف الآخر.. فإذا بادلت خصومي اضطهاداً باضطهاد فقد دخلت في منظومة شريرة لا تفضي إلى حوار.. وقام بإيصالنا طلاب التنظيم كانوا مبسوطين من الندوة.. سألتهم إن أحرجتهم بكلامي.. قالوا على العكس إنه إضافة إلى منبرنا.

هل تذكرون في بداية السبعينيات المناضلة الشيوعية الزنجية «أنجيلا ديفز».. والتي القت حكومة أمريكا عليها القبض مع إمكانية الإفراج عنها بضمانة ماليه ضخمة.. ولم تستطع لا هي ولا أصدقاؤها الإيفاء بالمبلغ.. لكن فلاحاً قح من كاليفورنيا «روجر ماكافي» قدم مزرعته ضمانة حتى أفرجوا عنها فوراً.. ولأن أمريكا رغم كل شيء تؤمن بالديمقراطية واستقلال القضاء.. فحكم عليها بالبراءة وأعيدت «لروجر» مزرعته لكنه عانى من اضطهاد حكومي وشعبي.. حتى باع مزرعته وأصبح على باب الله..

الطريف أن الرجل لم يكن شيوعياً.. فقط تعاطف مع الفتاة الزنجية ودعم تعاطفه بموقفه.. هل يمكن أن نصل إلى هذا القدر من الشفافية أن تبذل كل ما نملك في سبيل أن ينال شخص حريته فقط لأنه إنسان.. هل كنت ديموقراطياً في موقفي أم كنت «مغفل نافع» على الضفة الأخرى!ذات يوم دعوت إلى ندوة شعرية في إحدى الجامعات.. حقيقة لم أسال عن تفاصيل من أقام الندوة.. إنهم طلاب من الجامعة.. عندما وصلنا إلى المكان عرفت أن الندوة ضمن الأعمال الثقافية التي تسبق الانتخابات.. ووجدت المكان يعج بملصقات تدعم برنامج الحزب الذي تنتمي إليه الندوة.. هو حزب الحكومة.. وكان معي الصديق عبدالوهاب هلاوي.. الذي لم يكترث للأمر: فقد جاء ليقول شعراً ولا يهمه هوية الداعي.. لكنى وجدت نفسي في مأزق.. كان اختباراً ديموقراطياً حقيقياً.. ساعد ذلك أنني لم أكن أنتمي إلى حزب سياسي.. بل انتمي إلى تيار اليسار العريض أو سمه اليسار الجديد ذلك الذي يختلف مع القديم في موقفه من أمريكا ودول الغرب.. ويسعى إلى المودة مع الشعب الأمريكي والشعوب الغربية بمعزل عن الرأي القديم المفضي إلى عداوة أمريكا باعتبارها موئلاً للإمبريالية وحاضناً للرأسمالية البغيضة لكنني في ذات الوقت لا أنتمي لحزب الحكومة وإن لم نتصادم فلكون أنني لا أنتمي لحزب سياسي ليس بيني وبين الإنقاذ تارات وإحن.. لا يجعلهمم يتوثبون ضدي إلا فيما يتعلق بمهامي بصفتي رئيساً للتحرير في زمن ما .. المهم كانت خيارات متعددة أهمها يتمثل في أمرين أن أشارك في الندوة أو أنسحب!.. وكان عليّ اتخاذ قرار سريع وحاسم.. فقلت لأشارك ولأحكي للحضور الموقف.. وقد كان حكيت لهم.. بأنني لو فعلاً قررت دعم مكون سياسي لدعمت التحالف فهم الأقرب إلى تاريخي ووجداني آنذاك.. في ذلك الوقت لم «تنفرز الكيمان» وكانت الوعود سائدة وكنا مع الوعود الحالمة..

ارتحت فقد تجاوب رواد الندوة مع كلامي وصفقوا

طويلاً.. وقلنا أشعارنا بمنتهى الحرية.

وبعد الندوة تحلق حولي الطلاب وسألني أحدهم: طيب لو كنت تعرف اتجاه الندوة هل كنت ستشارك؟.. حدثته عن الإحماء الديموقراطي الذي قمت به قبل الندوة.. وقلت له: يجب أن نختلف سياسياً فهذه سنة الحياة.. لكن يجب أن نتقبل بعضنا.. ينبغي أن لا نضطهد من يخالفونا الرأي.. قال: ولكنهم لا يفعلون ذلك يضطهدون الآخر.. قلت له: هذا لا ينبغي أن يجعلنا نحذو حذوهم.. فنحن نتصرف بوحي من ضميرنا لا بناء على مواقف الآخر.. فإذا بادلت خصومي اضطهاداً باضطهاد فقد دخلت في منظومة شريرة لا تفضي إلى حوار.. وقام بإيصالنا طلاب التنظيم كانوا مبسوطين من الندوة.. سألتهم إن أحرجتهم بكلامي.. قالوا على العكس إنه إضافة إلى منبرنا.

هل تذكرون في بداية السبعينيات المناضلة الشيوعية الزنجية «أنجيلا ديفز».. والتي القت حكومة أمريكا عليها القبض مع إمكانية الإفراج عنها بضمانة ماليه ضخمة.. ولم تستطع لا هي ولا أصدقاؤها الإيفاء بالمبلغ.. لكن فلاحاً قح من كاليفورنيا «روجر ماكافي» قدم مزرعته ضمانة حتى أفرجوا عنها فوراً.. ولأن أمريكا رغم كل شيء تؤمن بالديمقراطية واستقلال القضاء.. فحكم عليها بالبراءة وأعيدت «لروجر» مزرعته لكنه عانى من اضطهاد حكومي وشعبي.. حتى باع مزرعته وأصبح على باب الله..

الطريف أن الرجل لم يكن شيوعياً.. فقط تعاطف مع الفتاة الزنجية ودعم تعاطفه بموقفه.. هل يمكن أن نصل إلى هذا القدر من الشفافية أن تبذل كل ما نملك في سبيل أن ينال شخص حريته فقط لأنه إنسان.. هل كنت ديموقراطياً في موقفي أم كنت «مغفل نافع» على الضفة الأخرى!
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]