ولايتك كان خربت شيل ليك منها محلية
من أسوأ الأمثال السودانية وأكثرها سلبية هذا الذي يقول “دار أبوك كان خربت شيل ليك منها شلية، وفي رواية عود”، فمن سوء هذا المثل وسلبيته أنه لا يشجع على الخراب فحسب، بل يحض حتى أهل الدار التي تتعرض للخراب على المساهمة في خراب دارهم، فبدلاً من أن يدعو أهل الدار لإنقاذ دار أبيهم التي تأويهم من الخراب والعمل على إصلاحها، إذا به يحرضهم على تشليعها وتشليحها حتى تغدو أرضاً جرداء بلقعاً لا تصلح للإقامة بل تصبح لا نفع فيها ولا تصلح لأي شي، غير أن تصير ملاذاً ل(البوم البعجبو الخراب)، ولكن لعلكم قد لاحظتم أننا ولشيء حز في نفسنا قد عدلنا قليلاً في هذا المثل المضر، بأن استبدلنا الشلية أو العود الذي يظفر به من تخرب دار أبوه، بمحلية كاملة الدسم بكامل حدودها وناسها ورعاياها ومواردها وسلطاتها، وهذا ليس مثل آخر منسوج على غرار المثل الأصلي، وانما هو واقع مؤسف حصل فعلاً لا مثلاً على أرض الواقع، وإليكم التفاصيل.. تحت عنوان (هلال يوكل مهمة اختيار معتمد السرف ل 100 شخص)، أوردت الغراء صحيفة “الجريدة” في عددها الصادر أمس وعلى الصفحة الأولى، أن مليشيا موسى هلال أرجأت تسمية معتمد سرف عمرة والمدير التنفيذي وكل الوظائف الأخرى بالمحلية، وأوكلت المهمة إلى لجنة مكونة من مئة شخص اختيروا من المكونات القبلية بالمحلية بواقع خمسة أشخاص من كل قبيلة. وكشف مصدر أن مليشيا موسى هلال فرضت رسوماً على السيارات التجارية القادمة إلى المحلية لتسيير عمل المحلية، حيث فرضت مبلغ 300 جنيه على السيارات التجارية القادمة من أم درمان، و 100 جنيه على السيارات القادمة من المحليات الأخرى، و 25 جنيه على السيارات العاملة داخل المحلية.. هذا هو خبر (شيل المحلية) الذي لم نستبعده بل لم نستغربه، لأن الشيء من معدنه لا يستغرب، فليس مستبعداً ولا غريباً على موسى هلال أن يأتي بمثل هذا الفعل، فمن رفض أن يذهب للقاء نائب الرئيس حين طلب لقاءه ولم يمتنع أو يتعذر ويتحجج بأي عذر أو حجة، تحول دون تلبيته طلب لقاء الرجل الثالث في الدولة بل يصر عليه في إباء وشمم إن أراد لقاءه أن يأتيه حيث يريد هو، من السهل جداً على رجل بلغ هذا المبلغ من الشعور بالسطوة والعظمة، أن يضع يده بكل بساطة على محلية مهما كان شأنها لن تسوى معشار مقام ومكانة نائب الرئيس، بل لعله يضع نفسه في درجة لا تجعل أحداً بينه وبين الرئيس، ولكن ورغم شناعة الفعلة التي أقدم عليها موسى هلال بفرض سيطرته على المحلية وانتزاعها من سلطة الولاية وجعلها خالصة له ولجماعته، قد أجد العذر له فيما فعل، وهل يلام مصداقاً للمثل من شهد خراب الدار أن يأخذ منها عوداً أو شلية، فما تشهده دارفور الآن من تفلت وانفلات واقتتال لا شك أنه يغري الطامحين من أمثال هلال أن يعلنوا سيطرتهم على هذه المنطقة أو تلك أو على محلية هنا أو هناك.
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي