الطاهر ساتي

كبائر مدهشة

[JUSTIFY]
كبائر مدهشة

:: شارع المطار، في زحام لافتات المطاعم والمحلات التجارية، تقرأ اللافتة االآتية : ( ولاية الخرطوم، صندوق إعانة المتأثرين من السيول والفيضانات، للعام 2013 م)، ثم يشير السهم غرباً إلى حيث ( مقر الصندوق)..مباني وعربات وبنود صرف العاملين بصندوق في (حي العمارات)، بيد أن البؤساء الذين فقدوا منازلهم – وما فيها – يتوسدون الثرى ويلتحفون بالثريا في (أطراف العاصمة).. وليس في الأمر عجب، هكذا دائماً مصائب شعب السودان عند المسؤولين (وظائف) و( حوافز).. بالله عليكم، هل إغاثة منكوب بمواد إغاثة جاهزة – يعني الحكومة ما داقة فيها حجر دغش – بحاجة إلى تأسيس وتأثيث و إيجار مباني وشراء عربات.؟.. ما جدوى وزارة الرعاية وجيوشها؟، وما جدوى المؤسسات الإجتماعية، وأسطول عرباتها؟، وما جدوى منظمات المجتمع المدني وكوادرها؟، وما جدوى اللجان الشعبية وفيالق شيوخها، إن كان توزيع مواد إغاثة قطرية بحاجة إلى تأسيس وتأثيث وإيجار مباني وسيارات ( صندوق)..؟؟

:: شباب نفير وصدقات – وهم الذين سبقوا أجهزة الدولة بالتحذير والتحضير والإستنفار، وهم الذين غطوا بالكساء والغذاء والدواء أمكنة لم تصلها أجهزة الدولة إلى يومنا هذا – لم يفعلوا ذلك بإيجار المباني وتأثيثها وشراء السيارات وتوظيف العمالة و(فتح بنود الصرف)، بل إستنفروا الشعب و أغاثوا المتأثرين بأجهزة حواسبيهم الخاصة وهواتفهم الشخصية..ومع ذلك، أي رغم أن الخزينة العامة لم تصرف على جهدهم المقدَر جنيهاً ولم تمد حراكهم الواسع بسيارة أو جالون بنزين، لم يكدس شباب نفير وصدقات مواد الإغاثة في المخازن لحين فسادها أو توزيعها لمن لايستحقها، أو كما تصف تقارير المراجع العام بولايتي الخرطوم والجزيرة ما آل عليه حال ( مواد الإغاثة)..نعم، بولاية الجزيرة، عند المراجعة، عثر المراجع على مواد إغاثة مخزنة بمخازن مارنجان منذ سيول وأمطار العام الفائت، وكلها مواد غذائية بما فيها حليب وبسكويت الأطفال، وللأسف كشفها المراجع بعد (إنتهاء فترة الصلاحية)، وأمر بإبادتها.. ومع ذلك، من يحاكمون بالجزيرة هم الصحفيين الذين يقتادون إلى نيابة الصحافة بمدني ب ( أوامر القبض)، وليس المفسدين الذين أفسدوا ( غذاء المنكوبين) ..!!

:: وبالخرطوم، كان تقرير المراجع العام ( صادماً)، لخصته صحيفتنا هذه بعدد البارحة بقلم الزميلين ماهر أبوالجوخ ووجدان طلحة، وكان عنوان الخبر المحزن : ( المراجع العام : الخرطوم اشترت 5 الف مريلة ب 146 الف جنيه).. (المريلة)، قطعة قماش يرتديها العامل عند توزيع الإغاثة للمنكوب.. بمنتهى اللامبالاة، إشترت سلطات الخرطوم من تلك القطعة ما قيمتها ( 146 مليون جنيه)..هذا المبلغ يكفي لبناء ثلاثة منازل لثلاث أسر منكوبة، حسب مواصفة وأسعار (صندوق الإسكان والإعمار)، ولكن إشترت بها السلطات الحكومية ( مريلة)، وهذا ما يسمى في العمل العام ب (سوء الإدارة) و (تبديد المال) و ( فسادة الذمة)، ولا يحدث إلا في حال غياب المحاسبة و..( غفلة الضمائر)..!!

:: والمخازن، ببري وخمس محليات ، مكدسة بالزيوت والسكر والبلح والأرز و البصل والمكرونة، منذ أسبوع سيول وأمطار العام الفائت وحتى عام المراجع العام هذا..والمحزن، حسب نص المراجع العام، تكدس المخازن بمحلية كرري بمواد الإغاثة منذ عام، ثم صرف بعضها لمن لايستحقها، أي إختلاسها.. وللتذكير، سكان الأحياء الطرفية بمحلية كرري – بالذات – كانوا أكثر أهل العاصمة تضرراً من تلك السيول والأمطار، و بلغ بهم الحال التكدس في منازل بعضهم – وإفتراش الأرض – عندما إنهارات المنازل.. ومع ذلك، إغاثتهم مكدسة بالمخازن لحين إنتهاء الصلاحية بأمر وعلم السلطات المسماة – مجازاً – بالمسؤولة.. بأي قانون يجب أن يُحاكم هؤلاء ؟.. عفواً، كبائر عهدهم صارت تدهش حتى قوانين الأرض و السماء ..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]