عبد اللطيف البوني

الحجر المصري والبيضة الحبشية


[JUSTIFY]
الحجر المصري والبيضة الحبشية

طالما أن كل حاجة مصر من المياه العذبة موجودة في الهضبة الأثيوبية فمن الطبيعي أن يحدث توتر في العلاقة بينهما بين الفينة والأخرى فصراع الموارد لايستغربه التاريخ بل بالعكس الذي يثير الدهشة هو التوافق الذي يتم بين البلاد التي بينها مورد مشترك لسوء أوربما لحسن حظ السودان أنه يقع بين هذا البلدين ليس جغرافيا فقط بل حتى فيما يتعلق بالنهر المشترك فالسودان يشترك مع أثيوبيا في أنه هو الآخر دولة مصب فأحدث الدراسات تشير إلي أن السودان يرفد النيل الأزرق بكميات من المياه تفوق تلك التي جاء بها من أثيوبيا وهذه قصة أخرى اسألوا عنها بروفسور قريش ثم يشترك مع مصر في أنه دولة استخدام لمياه النيل في بعض أجزائية الشاحبة الأمطار وينفرد عنهما بأنه دولة ممر.
أعالى النيل الأزرق أي الهضبة الأثيوبية مكتظة السكان وسيأتي يوماً تحتاج فيه إلى إنزال بعضهم مع مياه النيل في السهل الذي يجاورها وتجري فيه مياه ذات النيل أسافل النيل في البر المصري هي الأخرى مكتظة السكان وتحتاج ذات يوم قادم إلى رفعهم إلى السهل المنحدر منه النيل ولسوء حظ أو حسن حظ السودان أنه ذلك السهل المنبسط الأرض القليل السكان مقارنة بأعالي النيل الأزرق وأسافله فالهجرات السكانية الاضطرارية لاتعرف الحدود السياسية بدلالة الممالك التي قامت على ذات النيل بدءاً من عهد المجموعات والأسر ومملكة نبتة ومروي وأكسوم وغيرها
صراع أعالي وأسافل على السهل بينهما لم يتوقف في يوم من الأيام ولكنه في كل فترة وفي كل عهد يتخذ شكلا مختلفا على حسب الزمان وما يحيط به من ظروف فاذا اخذنا يومنا هذا نجد أن سد النهضة يمثل بؤرة هذا الصراع علما بان قضية سد النهضة ليست الاولى التي توتر الاجواء بين الاعالي والاسافل ولن تكون الاخيرة بأي حال من الاحوال فهذا الصراع لن ينتهي إلا بأمرين إذا حدثت معجزة صنعت دولة واحدة على طول النيل من المنبع إلى المصب أو قيام الساعة.
في صراع البلدين على سد النهضة يسعى كل منهما إلى كسب السودان إلى صفة بالتي هي أحسن وبالتي هي أخشن فكلا البلدين لديهما ما يحفزان به السودان وما يبتزانه به بعبارة أخري أي منهما تحمل الجزرة بيد والعصا بيد وتلوح بهما في وجه السودان ففي حالة ضعف السودان تكون العصا لها الغلبة وفي حالة قوته تكون الجزرة هي سيدة الموقف وللاسف الشديد في وقتنا الحاضر كلا البلدين يشهران بالعصا في وجه السودان وليس هناك جزرة تلوح في الأفق لأن السودان حاله يغني عن سؤاله داخليا وإقليميا ودوليا فالمطلوب من سهل السودان أن يرفع رأسه ويلملم أطرافه ويستعيد عافيته لكي تنهال الجزرات بدلا من العصي المرفوعة حاليا . في حالة تعافي السودان سوف يلعب ببيضة النيل وحجره ويبسط السلام في المنطقة ولأطول فترة ممكنة أما ضعفه فلن يقضي عليه بل يزيل النشارة التي كانت تحمي الواح زجاج النيل الشرقي وان شئت قل الازرق.

(أرشيف)
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]