عصام البشير.. وفِقْه “الشر يعم”
في ظني أن دكتور عصام أحمد البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي من النوع الذي تزعجه فكرة (الموبايل) بشكل عام، وهذا الظن ليس بسبب حديثه الأخير حول عروض شركات الاتصالات في المكالمات المجانية فقط، بل هناك شواهد أخرى تجعلنا نزعم بأن دكتور عصام يكثر الاهتمام والبحث في رأي الدين حول عالم تقنيات الاتصالات بشكل عام.
فقد طالعت قبل سنوات خبرا يروي قصة نغمة موبايل من أغنية مصرية صاخبة انطلقت من داخل قاعة منتدى خاص بجمع من العلماء والفقهاء الإسلاميين أثناء كلمة كان يلقيها دكتور عصام البشير على الحضور، وحسب الرواية المنشورة فإن النغمة التي عمت قاعة منتدى خاص بعلماء الدعوة الإسلامية كانت تلك النغمة إحدى أغنيات الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، وأن دكتور عصام وبعد أن قطعت نغمة الموبايل خطابه قرر تحويل مسار حديثه في الندوة إلى الحديث عن تقنيات الاتصالات وكيفية توظيفها والاستفادة منها بشكل أفضل في رسالة عامة للجميع وربما خاصة أيضا للشيخ الذي انطلقت من هاتفه النغمة الغنائية..
دكتور عصام أحمد البشير.. نحن نقدِّر حرصك على نشر الدعوة الإسلامية وتصحيح سلوك المجتمع بوصفك أحد شيوخ وعلماء الدعوة الإسلامية، ونقدِّر أيضا فائدة نصحك للشباب بالاستفادة من وقتهم في ما ينفع، لكننا لا نفهم كيف تحكم على دعايات شركات الاتصالات وعروضها للزبائن في المكالمات المجانية بأنها مخالفة للدين؟..
هل كل (الونسة حرام؟) وهل للمكالمات الهاتفية من ناحية دينية مثل هذا التصنيف بين ليلية ونهارية؟ وماذا يعني هذا التصنيف بالمنطق وليس بالظن..؟؟
أم أن الشيخ العالم قام بتطبيق نظرية العسكريين في التدريب والتي تقول (الشر يعم والخير يخص)؟ ومن قال إن كل الاتصالات التي تتم ليلا، سواء كانت بين شباب أو شابات أو غيرهم، من قال إنها مكالمات فساد في الأرض أو إفساد لا نفع منه ولا فائدة..؟
وهل تغيب على الشيخ الدكتور عصام البشير خيارات التواصل الإلكتروني الأخرى عبر الإنترنت.. الأسهل والأجود والأقل تكلفة؟ أم أنك تعني بحديثك أيضا عروض خدمات الإنترنت على الهواتف الجوالة أو الأجهزة الأخرى؟.. هل هي الأخرى مخالفة للدين ليلا أو نهارا مجانا أو (بفلوس).. هكذا وعلى الإطلاق الذي تتحدثون به يا دكتور..؟؟!!
إنك تشغل موقعا دينيا وفقهيا حساسا وكبيرا يجعل من المهم أن تكون أكثر دقة في حديثك، لأن هناك الكثير من الناس والمؤسسات تعتبر مثل كلامك هذا (فتاوى) يؤخذ بها، فهل أصدر عصام البشير هذه الفتوى التي حملتها مينشيتات بعض الصحف؟..
ثم إن دكتور عصام البشير كان يتحدث في احتفالية خاصة باليوم العالمي لحقوق المستهلك، وقضايا المستهلك الأكثر أهمية في البلد (بالكوم والردوم) وتعترف بها حتى الجهات المسؤولة التي تحدثنا تصريحاتها عن أن السودان أصبح مكبا لنفايات العالم..
عصام البشير.. إنك رئيس لمجمع الفقه الإسلامي، وكنا ننتظر منك في خطابك الذي قدمته في مناسبة خاصة بالمستهلك السوداني أن تذكر الناس برأي الدين في الغش التجاري الذي طال كل أنواع السلع الاستهلاكية أطعمة كانت أو مشروبات أو أدوات أو سلعا أخرى..
وكنا نتوقع منك فتوى حول (جمارك) تؤخذ من سلعة مستوردة غير مطابقة للمواصفات والجودة المطلوبة أو غير صالحة للاستعمال، هل يكون مال الجمارك حينها حلالا على الخزانة الرسمية التي تستلمه..؟!
القضايا الأهم من (ونسة التلفونات) أكثر والأولى فأولى.. وهؤلاء الشباب يتحدثون ليلا أو نهارا داخل بيوتهم وعلى مرأى ومسمع أسرهم وأهلهم وآبائهم.. فلا تتجاوز حدود النصح العام إلى التدخل باتهامك لهم حين تطالب بمنع الاتصالات، فهي بمثابة محاولة للتدخل لتربيتهم داخل بيوتهم بدلا عن آبائهم وأسرهم وهذا ليس من مهامكم يا فضيلة الشيخ.. لأنك حين تتحدث عن اتصالات وتلفونات فإنك لا تتحدث عن قضايا محرمة شرعا، بل عن ظواهر عامة تراها سالبة وأفضل لنا ولكم وللبلاد أن يكتفي فضيلتكم فيها بالنصح وبيان حدود المخالفة للدين.
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي