تعقيب على “عصام البشير وفقه.. الشر يعم”
أكثر ما أعجبني في هذا التعقيب أن صاحبه تجنب من تلقاء نفسه استغلال المساحة للترويج للشركة التي يعمل بها، فقد وصلني هذا التعقيب ولا أعرف أين يعمل صاحبه، وهذا مستوى مستحسن ومتقدم من الوعي العام بحساسية النشر بين المقصد التنويري والمقصد الترويجي، والرجل قدم معلومات أراها مهمة حول ظاهرة انتقاد مقدمي خدمة الاتصالات في عالم يتنفس عبر رئة ثورة الاتصالات والإنترنت.
جمال
الأخ الأستاذ جمال علي حسن
أشكرك جزيل الشكر على مقالك الموجه للدكتور عصام البشير والذي نصب نفسه مراقبا عاما ومفتيا لصغائر الأمور غاضا الطرف عن مهازل أكبر.
وكي أعرفك بنفسي فأنا أيمن الناصف وأعمل حاليا بإحدى شركات الاتصالات كمدير للتعرفة.. مع العلم بأنني عملت سابقا بجميع شركات الاتصالات في السودان، وأتحدث أيضا كمواطن تمسه الفتاوى التي يطلقها عصام البشير نحو شركات الاتصالات ومن يعملون بها وكأننا ندير شبكة للنصب والاحتيال، وقد مسني الحديث عن المهنة التي أمتهنها والتي يتم شن حملة مسعورة عليها من قبل أشخاص يسعون للنجومية وشيوخ وموظفين في الدولة ونواب برلمان.. وهذا هو الغرض من رسالتي.. فأنا أكتب إليك الآن فقط كمواطن يتم التشكيك في أمانته وعمله.. مع العلم أن من يستعملون الهواتف المحمولة بينهم أبي وأمي وإخوتي وأصدقائي وكافة أقاربي ومن أعرفهم تقريبا.
ويجب أن أوضح أولا أن السودان من أرخص دول العالم في تكلفة الاتصالات على المواطن وهذا يشمل المكالمات, الرسائل والإنترنت (والذي هو الأكثر تخفيضا على مستوى دول العالم).
ثانيا: الدولة تفرض ضرائب 31.25% (واحد وثلاثون بالمائة وربع) على المواطن المتصل وقد تم رفعها أكثر من ثلاث مرات في آخر ثلاث سنوات من 20% في تخبط واضح..
ولتقريب الأمر؛ إذا افترضنا أن سعر المكالمة حاليا 10 جنيهات فقط، فالدولة تزيد 3 جنيهات و125 قرشا على المواطن.. فالشركة تسعر بـ10 والدولة تفرض أن يدفع المواطن 13.125 جنيه..
أي أن أكثر من ثلث ما تجنيه الشركات والمخالف للدين – بحسب أصحاب فتاوى التحريم – يذهب للدولة (هذا فقط للتوضيح)..!
حقيقة أستغرب أن تصدر فتاوي تحرم ما أحل الله.. مثل أن الحساب بالدقيقة حرام وأن الحلال هو الحساب بالثانية.. من أين تأتي هذه الفتاوى؟ وما مصدر تشريعها؟ ولماذا تفرض الفتاوى على الاتصالات فقط؟ الدقيقة والثانية هي وحدات للبيع من حق أي شخص أن يحدد بيع منتجه (جملة أو قطاعي) ما دام السعر موضحا والوحدة موضحة.
وسؤالي موجه للعلماء الأفاضل وحماية المستهلك التي يتسارع الكثيرون خلفها: لماذا لا يحرمون مياه الشرب والمياه الغازية العائلية (ويفرضون بيعها بالجغمة)؟ وهل (الجغمة) هي أقل وحدة شراب؟ وهل الثانية هي أقل وحدة اتصال؟
هناك علوم تدرس قضينا سنين كثيرة ندرسها لطرق التسويق والبيع ولا يمكن أن نمسح علما كاملا من الوجود لمجرد أن عصام البشير أراد أن يحرم ما أحل الله.
لو أن هناك توصية علمية للتحاسب بالثانية بدلا من الدقيقة لقبلنا ذلك.. ولو أن ديننا الحنيف منع وحرم بالفعل ما يتحدث عنه عصام البشير لقبلناه طائعين، أما أن يتم استخدام الآراء الدينية من البعض للنجومية والتشكيك في أمانتنا والأموال التي تدخل علينا وعلى أبنائنا فهذا مالا نقبله أبدا من عصام البشير أو غيره.
ولكم الشكر
أيمن محمد الناصف
مدير تعرفة الاتصالات بإحدى الشركات