الطاهر ساتي

إتفاق كلام ليل

[JUSTIFY]
إتفاق كلام ليل

:: مهاتير ، قائد النهضة الماليزية، يفصح عن سر من أسرار هذه النهضة، ويقول بالنص : قررنا تخصيص الأرض الزراعية لمن لايعملون لتستوعب العمالة المتكدسة في الشوارع والبيوت بلا عمل، وإستخرجنا – وصدرنا- زيت النخيل والمطاط، ولكن الأرض لم تكن كافية لإستيعاب كل العمالة المتكدسة بلا عمل، وكان علينا البحث عن (حل آخر)، ولذلك قررنا تصنيع الشرائح الإكترونية لما تتميز بها من إستخدامها لأيد عاملة كثيرة، وقدمنا لمصانع الشرائح الإلكترونية إعفاءات كاملة من الضرائب مقابل ( تشغيل العمال)..هكذا – وبكل بساطة – لخص مهاتير أهم عوامل نهضة بلده، أي الإنتاج والتصدير – وإستيعاب العمالة – مقابل الإعفاء من الضرائب ..!!

:: أما بالخرطوم، نكظم الغيظ ونمسك حبل الصبر، ونقرأ ما يلي بالنص : زيادة جديدة على (رسوم الرخص التجارية) ، وزيادة جديدة أخرى على ( رسوم النفايات) ، و بشير – صاحب محل تجاري بالسجانة – يؤكد صارخاً بأن قيمة رسوم رخصته التجارية إرتفعت – فجأة كده – من ( 1.900 جنيه) إلى (3.700 جنيه)، وكذلك إرتفعت – فجأة كده أيضاً – قيمة رسوم النفايات من ( 25 جنيهاً) إلى ( 90 جنيهاً)، وهذا على سبيل المثال ..وعلى سبيل مثال آخر، يصرخ حافظ – تاجر سلع إستهلاكية – بالخرطوم متألماً من إرتفاع قيمة رسوم رخصته التجارية – بدون مقدمات – من ( 1.200 جنيه) إلى ( 2.200 جنيه)، وكذلك إرتفعت قيمة رسوم النفايات – بدون إخطار – من ( 26 جنيهاً) إلى ( 51 جنيهاً)..وهكذا الحال بالمصانع والشركات..( زيادة جديدة)، ليس في الإنتاج وإستيعاب العمالة، بل في رسوم الترخيص والنفايات والضرائب و الجمارك وغيرها من ( أنياب الحكومة)..!!

:: ومع ذلك، أي رغم إفتراس أنياب الحكومة لأشلاء القطاع الخاص بلا رحمة ، صدرت صحف البارحة بخبر مضحك فحواه بالنص : وزارة تنمية الموارد البشرية وإتحاد عمال السودان يوقعان إتفاقاً مع اتحاد أصحاب العمل لزيادة أجور العاملين بالقطاع الخاص، أو هكذا الخبر بصحف الخرطوم.. ( كلام ساكت)، أي هذا الإتفاق مجرد ( طق حنك) ، بدليل عدم ذكر ( نسبة الزيادة).. وبالقانون، القطاع الخاص غير ملزم إلا بتنفيذ نص الحد الأدنى من الأجور، وكذلك غير ملزم إلا بالنصوص التي تحفظ حقوق العامل أثناء وبعد الخدمة.. زيادة أجر العامل بالقطاع الخاص – باتفاقيات ثنائية – ليست من نصوص قانون العمل..هذا شئ، والشئ الآخر: ما هي آلية تنفيذ هذا الإتفاق؟، فالاتحاد لايملك سلطة رقابية – أو عقابية – على القطاع الخاص، وكذلك حال وزارة تنمية الموارد البشرية .. فما هي آلية التنفيذ؟، نأمل ألا يأتي الرد سطحياً من شاكلة ( دي اتفاقية رجال)، و (الراجل بيمسكو من لسانو)، وغيرها من الأليات الهلامية المسماة عند الناس بانها ( كلام ليل) و (كلام فارغ)..!!

:: لو كان اتحاد العمال حريصاً على زيادة أجور العاملين بالقطاع الخاص، لحث وزارة المالية – وغيرها من السلطات الولائية والمحلية – على رفع أثقالها عن كاهل شركات ومصانع القطاع الخاص.. نعم، بالدول الناهضة كما ماليزيا وغيرها، داماً العلاقة عكسية ما بين (حجم العمالة وأجورها) و ( الجبايات الحكومية)..وتخفيض الضرائب عن الشركات والمصانع ذات العمالة الكبيرة نهج إقتصادي معمول به في دول الدنيا والعالمين، (ما عدا السودان طبعاً).. بل هناك دول – كما الأردن – تنتهج النهج الماليزي بأعفاء المصانع والشركات عند تأسيسها في المناطق المسماة هناك ب ( غير متطورة)، وهي المناطق التي نسميها ب ( المهمشة)، وذلك بشرط إستيعاب عمالة المنطقة بالأجر المناسب.. وكل مصانع المدن الصناعية بالأردن معفية من ضريبة الدخل لمدة ( سنتين)، بشرط إستيعاب حجم مقدر من العمالة..هكذا تحفز وتشجع الدول القطاع الخاص لينتج ويستوعب العمالة بالأجر المناسب..بالتحفيز والتشجيع، وليس ب ( شرطة المحليات) و (حراسة النفايات) و (سجن الضرائب)…!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]