الدرس المستفاد.. من قمة الرياض
ليس الحدث اللافت هو أن يزور الرئيس الأمريكي أية عاصمة عربية، فهذا ليس مدهشا؛ لأن زعماء أمريكا في السابق حين يقررون زيارة عاصمة عربية صديقة لهم، فإنهم يذهبون لها بإحساس صاحب الملك حين يتجول في أقاصي وربوع مملكته..
هذا هو الإحساس الذي نجح الملك عبد الله في انتزاعه كمسمار صدئ كان مستقرا داخل الجسد العربي..
نزع الملك عبد الله هذا المسمار اللعين وقذف به في رمال منتجع روضة خريم حيث التقى بأوباما، رمى مسمار الشعور بالدونية العربية أمام من ينصبون أنفسهم أسيادا للعالم ومسمار الاحتفائيات القسرية البلهاء والساذجة بمجرد مرور رائحة سيدة العالم بعواصمنا العربية سابقا.
أوباما في اللقاء المصيري الحساس، وهو القادم للرياض يحمل حقيبة مليئة بعبارات الاسترضاء والتبرير في الوقت الذي يراقب ويشاهد فيه العالم بأسره تفاصيل ومخرجات هذه الزيارة، ترسل له المملكة برغم كل احترامها له، لكنها أرسلت أمير منطقة الرياض لاستقباله في المطار، فلا الملك ولا ولي عهده ولا ولي ولي العهد الجديد الذي تم تعيينه قبل ساعات فقط من مقدم أوباما، لم يأت أحدهم مهرولا كما قد يتوقع البعض في مراسم استقبال أوباما..
وليس هذا استهتارا بمكانة الرئيس الأمريكي ولكنها رسالة مفصحة وبليغة تقول لو كان أوباما هو أضعف رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في العهود الأخيرة بحسابات حجم الهزائم النفسية والمعنوية التي تلقتها أمريكا في الآونة الأخيرة وآخرها هزيمة بوتين لسيدة العالم في أوكرانيا وضعف فعالية القرار الأمريكي في سوريا، فإنه وفي مقابل ذلك السعودية الآن تتقدم بعزائم متتالية وقفزات واثبة على كل المستويات؛ فهي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت مقعد مجلس الأمن الدولي بسبب تحفظات موضوعية على المجلس الدولي نفسه، سياساته وقراراته وعدالة مواقفه المفقودة.. قررت هذا الموقف ونفذته وتمسكت به، لكن أوباما الذي قرر تنفيذ ضربة عسكرية على بشار العام الماضي سرعان ما تراجع عنها بمجرد أن كشرت له روسيا عن أنيابها..!
هزائم أمريكية في مقابل عزائم سعودية، فأيهما يستحق اللقب..؟ هل يستحقه صاحب الهزائم أم صاحب العزائم..؟
والسعودية منذ أن قررت تقديم نفسها بكل ثقة وقوة بصفة الدولة العربية الأقوى، وهذا من حقها، لم تتراجع عن هذا المسار إطلاقا، وكما نقول ـ نحن السودانيين ـ إنها فرضت نفسها (بي حقها وفوق عديلة)..
علينا أن نتعلم من تجربة السعودية شيئا مهما هو التأكد من قدراتنا القتالية قبل خوض الحرب، والتأكد من درجة صدى الصوت وتأثيره قبل أن نتفوه بكلمة واحدة، فنحن ياما قلنا وواجهنا أمريكا لكن فقط وبالقياس علينا أن ننتبه للفرق حتى نجود الموقف حجما وتوقيتا بمعايير أكثر موضوعية..
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي