خطوات “تقدير” يا “منابر”
بالطبع، لم يصل الأول إلى ما وصل إليه الأخير، إذ أنه ليس في منصب يسمح له باتخاذ قرارات بأي صدد، لكنّه يحوز بالتأكيد – (منبراً) يسمح له بالضغط على مُتخذ القرار، فالشيخ (عصام أحمد البشير) ظل خلال الأسبوعين المنصرمين يعطي الانطباع وكأنه مُنخرط في درب رئيس الوزراء التركي (رجب طيِّب أردوغان)، حد تمغنط قدميه في الدرب التركي.
فبعد أن حجبت هيئة اتصالات أردوغان (تويتر)، حملت (ضطبتها) إلى باب (يوتيوب) وأغلقته، بموجب قرار إداري في أعقاب تسريب تسجيلات لمسؤولين أتراك تتعلق بخطط حرب حيال سوريا. وبحسب صحيفة (حرييت) التركية أن القرار المتعلق بإيقاف يوتيوب جاء إثر تسريب تسجيل لمحادثة هاتفية دارت بين أربعة من المسؤولين الأتراك، بينهم وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، ورئيس الاستخبارات حقان فيدان، عن عملية عسكرية محتملة في سوريا.
وفيما لو عذرنا حكومة أردوغان وهي بالطبع غير معذورة، على قرارها بمُعاقبة الشعب التركي بحرمانه من تقنيتين ذكيتين ورخيصتين، قد تفصلانه عمّا/ وعمّن حوله، و(هيهات)، من جهة أنه ينقل حديثاً يمس نشره الأمن القومي التركي، فإننا نتفهم، لكننا لا نعذر، إمام وخطيب مسجد النور (عصام أحمد البشير) في حملته الضارية على وسائل التواصل الحديثة مثل (واتس آب و فيس بوك)، وغيرهما، والتي يتوسل فيها بمنبره المحضور (مسجد النور الإسلامي)، الذي يحج إليه مريديه من فجٍ عميق.
لذلك، وجب علينا كـ(إعلام)، التنويه، إلى أننا لسنا ضد ماذهب إليه منبر (النور) بشكل قاطع وجذري، فالإشارة إلى ما يكتنف تلك التقنيات من سلبيات وأن بعض مستخدميها ينتهكون الخصوصية أمر ضروري وواجب. لكن الأكثر ضرورة هو أن لا تذهب المنابر إلى التخوم الأردوغانية، تخوم الحجب والحظر، لأنها بذلك ستكشف عن جهل مطبق بأن هنالك (حيل تقنية بارعة)، وقليلة التكلفة، ومتوفرة، يمكن بموجبها استعادة (يو تيوب، فيس، وتوتير) بسرعة حتى ولو تم حجبهم في حرز تقني أمين.
وهنا ينبغي أن نشير إلى أن (كل المواقع) التي تحجبها (هيئة الاتصالات القومية)، يمكن إماطة نقابها وإسقاط نصيفها وجعلها سافرة الوجه بنقرة واحدة على (بروكسي)، وبالتالي فإن تبديد جهد المنابر في التحذير والتنديد وبطريقة تبدو وكأنها تهيئ الرأي العام لعمليات حجب (متوقعة) لتلك المواقع، وهذا أمر دونه خرط القتاد، لأنه ببساطة شديدة أكثر عتواً تعالياً على قبضتنا التقنية (الضعيفة) والبائسة.
إذن، فلتذهب المنابر بخطابها مُباشرة إلى الأسر و(مناهج) التعليم، تُعمل مباضعها فيهما، وإلاّ فالدرب الأردوغاني ليس كثير المطبات والحفر فحسب، بل كثير المزالق، ومن علا زلِقاً عن غِرةٍ زلجاً، لذلك فأنه ينبغي على (المنابر) بما فيها التي نحن عليها، أن تقدر لأرجلها مواضعها، قبل أن تبتدر (جكتها) في دروب تنشد المنع والحظر (والعقاب الجماعي)!!
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي