صلاح الدين عووضة

حرامي الشعوب ..!!!

[JUSTIFY]
حرامي الشعوب ..!!!

*دخل (حكيم) على خليفةٍ أموي فوجده يستجدي جلساءه أبياتاً (يسهر!!) بها ..
*فانبرى من ينشد له من شعر الأحوص : يادار عاتكة الذي أتعزل ، حذر العدى وبه الفؤاد موكل ..
*فأشاح الخليفة بيده تأففاً ..
*فتقدم آخر ينشد له من شعر جرير : هاج الهوى لفؤادك المهتاج ، فانظر بتوضح باكر الأحداج ..
*فلم يتحرك لها الخليفة ..
*فرفع ثالث صوته منشداً من شعر المجنون : بربك هل ضممت إليك ليلى ، قبيل الصبح أو قبلت فاها ؟..
*فأعرض عنه الخليفة وقد بد عليه الضيق الشديد ..
*وهنا فاجأ أحدهم الجميع وأنشد – متجرئاً – أبياتاً (هابطة!!) نستعيض عن بعض مفرداتها بنقاط : أحب منك منك منك ، مكاناً ……….، فـ……..فيه فيه فيه بمثل……..
*فاتفض الخليف طرباً وصفق بيديه طالباً (الشراب) و(القيان) و(الدفوف) ..
*ثم طفق يستعيد الأبيات هذه حتى مطلع الفجر ..
*فقال (الحكيم) أنه أدرك ساعتذاك أن عهد بني أمية قد ولى ؛ و(قد كان!!) ..
*والآن ندرك نحن – دونما حاجة إلى (حكمة) – أن (عهداً سودانوياً) قد ولى من منظور (المقياس الغنائي!!) ذاته الذي اعتمده الحكيم هذا ..
*فحين تجد أن مناسبة فرحٍ ما لا يطرب فيها القوم – شيباً وشباباً – لكلمات أغنية (غصن الرياض المايد)..
*ولا تهزهم كلمات أغنية (يامسافر وناسي هواك) ..
*ولاتحرك فيهم ساكناً كلمات أغنية (الزمان زمانك) ..
*وتجد – في المقابل – أن هؤلاء أنفسهم يتصايحون بجنون مع كلمات من قبيل التي طرب لها الخليفة الأموي ذاك فاعلم أن (الزمان) ماعاد هو (زماننا) اقتباساً من الأغنية أعلاه ..
*وعلى كل (من يعنيه الأمر!!) أن يفسر (الزمان) هذا تبعاً لما (يليه) ..
*فلو لم يكن هنالك (هبوط ذوقي) – ذو غلبة – لما احتشدت فضاءاتنا و(فضائياتنا) بكلماتٍ من (قاع المدينة!!) ..
*وأحد (مبتذلي) الكلمات هذه يفاخر البارحة – دونما حياء – بأنه (أثرى) من مده (مغنواتية) زماننا هذا بها إلى حد تعيينه (حرساً خاصاً) يرافقونه في حله وترحاله ..
*ثم أثرى (المغنواتية) هؤلاء بدورهم – من التغني بالكلمات هذه – بما أن من بيننا (أشباهٌ كثرٌ!!) للخليفة الأموي ذاك يعجبهم كل (منحطٍ) من الغناء و(تافه) ..
*وليفرح شاعر (أحب منك منك منك) ذاك – في قبره – وقد أنجب زماننا هذا تلاميذ له يحملون معاوله ذاتها (هدماً للأمم!!) ..
*وليحزن – قبل فوات الأوان – من هم في (مقام الخليفة المذكور) إعراضاً عن جيد الغناء و (محتشمه) ..
*وليتأهب (حكيم) ما – إن لم نتدارك الأمر- لـيصيغ لنا خبر (نعينا) ونحن في فورة إعجابنا بـ(حرامي القلوب !!) ..
*ثم يقول – مشيراً إلى (حرامي الشعوب)- : (علمت أن أمرهم قد ولى !!!!!)
*وذلك بدلاً من أن أعالجها قبل أن تصير مدعاةً لـ(الدهشة !!!!!) .
[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة