جمال علي حسن

أخشى عليكم من وصف “أحزاب الفكة”


[JUSTIFY]
أخشى عليكم من وصف “أحزاب الفكة”

ليس الحدث اللافت هو أن يزور الرئيس الأمريكي أية عاصمة عربية، فهذا ليس مدهشا؛ لأن زعماء أمريكا في السابق حين يقررون زيارة عاصمة عربية صديقة لهم، فإنهم يذهبون لها بإحساس صاحب الملك حين يتجول في أقاصي وربوع مملكته..

هذا هو الإحساس الذي نجح الملك عبد الله في انتزاعه كمسمار صدئ كان مستقرا داخل الجسد العربي..

نزع الملك عبد الله هذا المسمار اللعين وقذف به في رمال منتجع روضة خريم حيث التقى بأوباما، رمى مسمار الشعور بالدونية العربية أمام من ينصبون أنفسهم أسيادا للعالم ومسمار الاحتفائيات القسرية البلهاء والساذجة بمجرد مرور رائحة سيدة العالم بعواصمنا العربية سابقا.

أوباما في اللقاء المصيري الحساس، وهو القادم للرياض يحمل حقيبة مليئة بعبارات الاسترضاء والتبرير في الوقت الذي يراقب ويشاهد فيه العالم بأسره تفاصيل ومخرجات هذه الزيارة، ترسل له المملكة برغم كل احترامها له، لكنها أرسلت أمير منطقة الرياض لاستقباله في المطار، فلا الملك ولا ولي عهده ولا ولي ولي العهد الجديد الذي تم تعيينه قبل ساعات فقط من مقدم أوباما، لم يأت أحدهم مهرولا كما قد يتوقع البعض في مراسم استقبال أوباما..

وليس هذا استهتارا بمكانة الرئيس الأمريكي ولكنها رسالة مفصحة وبليغة تقول لو كان أوباما هو أضعف رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في العهود الأخيرة بحسابات حجم الهزائم النفسية والمعنوية التي تلقتها أمريكا في الآونة الأخيرة وآخرها هزيمة بوتين لسيدة العالم في أوكرانيا وضعف فعالية القرار الأمريكي في سوريا، فإنه وفي مقابل ذلك السعودية الآن تتقدم بعزائم متتالية وقفزات واثبة على كل المستويات؛ فهي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت مقعد مجلس الأمن الدولي بسبب تحفظات موضوعية على المجلس الدولي نفسه، سياساته وقراراته وعدالة مواقفه المفقودة.. قررت هذا الموقف ونفذته وتمسكت به، لكن أوباما الذي قرر تنفيذ ضربة عسكرية على بشار العام الماضي سرعان ما تراجع عنها بمجرد أن كشرت له روسيا عن أنيابها..!

هزائم أمريكية في مقابل عزائم سعودية، فأيهما يستحق اللقب..؟ هل يستحقه صاحب الهزائم أم صاحب العزائم..؟

والسعودية منذ أن قررت تقديم نفسها بكل ثقة وقوة بصفة الدولة العربية الأقوى، وهذا من حقها، لم تتراجع عن هذا المسار إطلاقا، وكما نقول ـ نحن السودانيين ـ إنها فرضت نفسها (بي حقها وفوق عديلة)..

علينا أن نتعلم من تجربة السعودية شيئا مهما هو التأكد من قدراتنا القتالية قبل خوض الحرب، والتأكد من درجة صدى الصوت وتأثيره قبل أن نتفوه بكلمة واحدة، فنحن ياما قلنا وواجهنا أمريكا لك

لو دخل الشعبي للحوار بأجندة تحالف المعارضة كما قال بشير آدم رحمة، ودخل المهدي بنفس الأجندة بالطبع، فلن تكون مخرجات هذا الحوار مثل نتائج الحوارات الجزئية والثنائية التي جربتها الإنقاذ في فترات مختلفة سابقة كانت مخرجات بعضها فعلا متواضعة على مستوى نتائج الاتفاق ونوع القيادات أو التنظيمات التي كسبتها وثائق تلك الاتفاقيات الثنائية..

الوضع يختلف الآن فليست طاولة الحوار القادمة مثل اتفاقيات التراضي والتوالي وغيرها، فالأجندة أكبر والقيادات المشاركة أثقل وزنا والتنظيمات السياسية التي قررت الدخول في الحوار حتى الآن تكفي لتقديم تجربة أكثر تغطية من حيث المساحة والحجم بلاشك..

هل العبرة فقط في شمول الاتفاق للجميع أم أن العبرة في أجندة النقاش وأجندة الاتفاق النهائي..؟

ماذا يعني المواطن السوداني أكثر من تهيئة مناخ ومساحة للمشاركة السياسية للجميع تحت مظلة ديموقراطية وحريات كاملة ونظام دستوري يحمي حقوق الجميع؟.. ماذا يعني المواطن السوداني من طاولات الحوار سوى منع الفساد وسيادة حكم القانون ومنع المحاباة وتساوي الفرص بين الجميع والتخطيط السليم للتنمية والنهضة والبناء..؟

هل يعنيه من الذي حقق ذلك فقط أم يعنيه ما يتم تحقيقه من نتائج؟.. يجب أن تستوعب القوى السياسية الرافضة للمشاركة في الحوار أن الذين وافقوا على المشاركة لم يتخلوا عن مشروعهم السياسي الوطني والدليل هو تكرار تأكيدهم على التمسك بأجندة تحالف المعارضة كاملة..

حين يقول الشعبي إنه سيدخل الحوار بأجندة تأمين الحريات والوضع الانتقالي وإيقاف الحرب ودستور متفق عليه يقود للانتخابات، ما هو مبرر الحزب الشيوعي أو بقية أحزاب التحالف من ناصريين وقوميين ومؤتمر سوداني وغيره في امتناعهم وتمنعهم..؟!!

حين طرحت الحكومة مرحلة التوالي السياسي قبل 15 عاما ودخلت تنظيمات صغيرة الحجم متجاوبة مع تلك الدعوة أطلقت الأحزاب الكبيرة عليها وصف (أحزاب الفكة) في إشارة لصغر أحجامها وحداثة نشأتها، أما الآن وبعد أن يتوافق على نظام المرحلة القادمة حزب الأمة والاتحادي والشعبي ويمتنع آخرون مثل المؤتمر السوداني أو الناصريين أفلا يحق لحزب الأمة بعد ذلك أن يصف الأحزاب الصغيرة الرافضة للحوار بوصف (أحزاب الفكة)؟ ليس استخفافا بوجودها ولكن بمعيار الحجم والوزن الجماهيري مقارنة بوزن هذه الأحزاب الكبيرة التي قررت المشاركة في صناعة المرحلة القادمة والتأسيس لنظام دستوري وقومي وديموقراطي لحكم السودان..

نحن لا نروج للحوار السياسي انحيازا لأجندات حزبية أو دفاعا عن المؤتمر الوطني أو الشعبي أو أو النظام الحاكم لأننا غير مسجلين في عضوية أي حزب في السودان حتى هذه اللحظة وليس لنا على المستوى الشخصي ناقة ولا جمل ولا حتى كبش غير أقرن في ما يتفقون عليه غير مصلحة واستقرار بلادنا التي نعيش في غربة عنها، لكن أوجاع السودان تجاوزت الحد المعقول.. حد الموت والحرب والترويع والتشريد في مناطق الأزمات والحروب حيث صار الدم الأحمر حائزا على شارة الضوء الأخضر الدائمة في شارع الوطن.
ن فقط وبالقياس علينا أن ننتبه للفرق حتى نجود الموقف حجما وتوقيتا بمعايير أكثر موضوعية..

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي