سعد الدين إبراهيم

التجربة الأمريكانية


[JUSTIFY]
التجربة الأمريكانية

عاقبت أم أمريكانية ولدها.. بأن عمدت إلى إجباره على حمل لافتة في الشارع العام فصّل فيها.. عملته التي عملها.. مع معلمه إذ وصفه بالأخرق.. بجانب اعتذاره للمعلم.. وكان ذلك خبراً تناقلته وكالات الأنباء وذاع وعم القرى والحضر.

_ هذا شكل من العقاب لكن لا يمكن تطبيقه في السودان..

لأننا لم نتعلم بعد ثقافة الاعتذار.. وربما نحمل الأستاذ المسؤولية بأنه.. لو ما زعل الولد شديد .. ما كان قال ليهو الكلمة دي.

_ مجتمعنا لا يحب النقد.. ولا يطيق الاعتذار .. ويجد في

الاعتراف بالخطأ إذلالاً وتقليل شأن..

_ وقد لاحظت أشكالاً من العقاب سابقاً كلها مذلة.. مثل أن

«يركع التلميذ دِيِس» أي على ركبته ردحاً من الزمن.. أو «يقبّل» على الحيطة وهو رافع يديه فوق..

_ مرات يعمد المعلم أو الأب إلى استكتاب الولد قطعة

إملائية عشرات المرات.. أو حرمان الطالب من المصروف أو من اللعب وكلها قد تكون لها آثار سالبة مثل العقاب البدني

_ ومن أقسى أنواع العقاب السادية .. أن يجعل المعلم

التلميذ يكتب الكلمة المخطئ فيها على السبورة ويطالبه بمحوها بلسانه اعتقد أن مثل هذا العقاب اختفى..

_ كيف نطلب من أبنائنا أن يعتذروا ونحن لا نعتذر لهم

عن أخطائنا أوهم يلاحظون إننا لا نعتذر ونصر على المكابرة.. فالاعتذار عندنا انكسار.. مع أنه أدب لكبار النفس لا يجيده إلا الواثق من نفسه..

_ الأم الأمريكيه قررت أنه «من المهم احترام الآخرين وآمل

أن يتفق المجتمع معي».. لكن لدي ملاحظة هل أجدى هذا العقاب؟ وماذا كانت نتيجته حسب قول التلميذ «بعض الأولاد في صفي سخروا مني .. وإحدى الفتيات وقعت أرضاً من الضحك»..

_ اعتقد أن النتيجة هنا ليست تربوية فينبغي أن لا يسخر

منه الزملاء وتضحك الزميلات.. ينبغي أن يهنئونه لأنه اعترف بخطئه.. لكن هذا الموقف.. اعتقد أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية.. فيجعل الولد مادة للتندر.. ويجرح هذا التصرف وجدانه فيجعله في موقف سيء.. قد يجعله يحتقر نفسه.. أو يعاقب نفسه بطريقة أو بأخرى أو قد يصبح منسحباً من المجتمع.. أو قد يورثه خجلاً معيباً.. فبدلاً من أن يقومه العقاب فقد يدمره بصورة أو بأخرى.

_ مرة عاقبت أحد أبنائي عندما كان صغيراً بأن يبقى في

غرفته ولا يخرج.. كان ذلك في عطلة دراسية.. ومنعته من مغادرة الغرفة حتى أعود من العمل في حوالي الرابعة عصراً

_ وما أن وصلت مكتبي حتى اتصل بي على الهاتف.. لم

يكن حينها الموبايل معروفاً لذلك بذل جهداً في الاتصال بي.. فقال لي: أقر بأنني مخطئ واستحق العقاب.. لكن عاقبني بأي أسلوب آخر.. دُقني عديل.. وخليني أمرق من الحبسة دي .. فسمحت له بالخروج.. وأنا أتساءل هل كان عقاباً قاسياً؟ هل فشلت في هذا العقاب؟ أم كان يجب أن أصر على أن يظل محبوساً.. لم أكرر العقاب مرة أخرى .. وقد أقلع عن ما عاقبناه بسببه.

_ عموماً بقدر ما بدأ عقاب الأم الأمريكية طريفاً.. لكن هل

كان عقاباً معقولاً وبديلاً مناسباً للضرب؟.. وهو في اعتقادي ليس كذلك.. كما انه لا يصلح في مجتمعنا السوداني حسبما عللت في بداية الموضوع.. عموماً أنا مع أمثال التربية السودانية مثل:

«ولدك إن كبر خاوي..»..
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]