الطاهر ساتي

مرافعات خاطئة ..!!

[JUSTIFY]
مرافعات خاطئة ..!!

:: بالمحكمة، المحامي يستجوب السائق المتهم في مخالفة مرورية تسببت في موت و إصابة الركاب : ( على بعد كم كيلو من المدينة إنفجر إطار سيارتك؟)، فيرد السائق : ( على بعد 281 كيلو)، فيسأله المحامي بحماس : ( وأين يقع هذا بالضبط ؟)، فيرد السائق بمنتهى الهدوء : ( بعد الكيلو 280)..وهكذا تقريباً لسان حال كل الذين يترافعون عن قضية السودان بدارفور، أي – كما هذا المحامي – يتكلمون في الصحف والفضائيات ويجتمعون في أم جرس ويفعلون في دارفور ويحومون حول حمي القضية، بيد أن القضية واضحة الملامح والمعالم ..!!

:: أولاً، هي ليست قضية دارفور، أو كما يصفها الزعماء بالحكومة والمعارضة والحركات، بل هي قضية السودان بدارفور، وهناك فرق ما لم يكن المراد بترسيخ مصطلح قضية دارفور في أذهان الناس هو تصوير دارفور في تلك الأذهان كأنها ( دولة مستقلة)..ثانياً، بعد تعريف القضية وتحديد جغرافيتها وحجمها، يجب طرح سؤال من شاكلة : ما هي قضية السودان الجوهرية بدارفور؟.. فالحرب ليست قضية جوهرية، بل هي من أعراض قضية الحكم في السودان، أي تلك – قضية الحكم في السودان – هي القضية الجوهرية، وهي ليست قضية خاصة بدارفور فقط، ولكن تخص كل (ما تبقى من السودان )..!!

:: وعليه، عمل شئ إيجابي يُعالج ويحل قضية الحكم في السودان خيرُ – للناس والبلد ودارفور – من مؤتمر أم جرس وغير أم جرس.. مؤتمر أم جرس – وهو المؤتمر الثاني بأم جرس ذاتها – لايختلف عن مائة مؤتمر أو أكثر حضرها طرف الأزمة وغاب عنها الطرف الآخر، ولذلك لم تبارح الحرب مكانها إلى حيث السلام .. نعم، توصيات مؤتمر أم جرس ليست بجديدة على مسرح قضية السودان بدارفور، فكيف – ولماذا – ينتشي البعض ويفرح بهذه (التوصيات المكررة )..؟..يخطئ من يظن بأن زعماء الحرب هناك يأتمرون بأمر القبيلة وناظرها و عمدها..فالوضع الأمني والعسكري بدارفور – كان ولا يزال وسيظل – أكبر من أن يديره و يتحكم فيه ناظر قبيلة أو عُمدها ، وبهذا الظن الخاطئ ينتشي البعض ويفرح بتوصيات أم جرس..!!

:: وكما زعماء الداخل يحومون حول حمى قضية السودان بدارفور، زعماء الخارج أيضا يحومون حول ذات الحمى..فلنقرأ ما يلي بالنص : ( دارفور لا يمكن ان تعيش مع بقية السودان وبهذا الاسلوب الذي تدار به البلاد الا في اطار حكم ذاتي كامل وهذا اقل شئ يمكن ان نطالب به)، مني أركو مناوي للشرق الأوسط .. تصريح غير موقف، ( دارفور لايمكن أن تعيش مع بقية السودان)، قالها مناوي وكأن بقية السودان و ليس سلطات السودان – هي التي تصنع الأزمات بدافور..ما ذنب بقية السودان التي تصطلي – مثل دارفور – بنار الوضع السياسي، بحيث يحشرها مناوي في أجندته التي لم تعد سياسية إن كان الحكم الذاتي هدفاً إستراتيجياً لحركته؟.. وهل حركة مناوي متفق عليها من قبل أهل دارفور بحيث تقرر مستقبل الإقليم بالحكم الذاتي ( إسم الدلع للإنفصال)..؟؟

:: حركة مناوي بحاجة إلى تصالح مع حركة عبد الواحد ( أولاً)، ثم مع حركة جبريل إبراهيم ( ثانياً)، ثم مع المسماة بقوات التدخل السريع ( ثالثاً)، وبعد ذلك تقرر نظام الحكم بدارفور( ذاتياً كان أو فيدرالياً).. باختزالهم للقضية في دارفور، ثم باختزالهم دارفور ذاتها في أشخاصهم، أفقد بعض زعماء دارفور – بالداخل والخارج – قضية السودان بدارفور (طعمها ولونها)..ولذلك، لم يعد الرأي العام – محلياً وإقليميا وعالمياً – يبالي بمآسي الحرب والنزوح في دارفور، و لا بماسي الفقر و القهر في ( بقية السودان)، وعدم المبالاة هذا يمد (أعمار كثيرة)، ومنها عمر عدم الوصول إلى حل ( قضية الحكم في السودان)..وعليه، أم جرس ليست حلاً ولا الحكم الذاتي، بل ديمقراطية تمكن الشعب من إختيار حكومته – ومحاسبتها – هي الحل، ليس لقضية السودان بدارفور فقط، بل لقضايا الشعب بكل أقاليم السودان ..وإلى ذلك الحين، مارسوا ( اللت والعجن) و ( اللف والدوران)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]