غير قابل للتسويق!
-1-
اطّلعت على البيان الصادر من بعض الأحزاب المعارضة، وهي تعلن مقاطعتها للاجتماع التشاوري، حول مؤتمر الحوار الوطني، الذي يعقد اليوم بقاعة الصداقة.
قبل مناقشة هذه الفكرة، التي عبّرت عن الموقف الرافض للحوار، لا بد من مطالبة هذه المجموعة من التنازل عن اسم “قوى الإجماع الوطني”!.
مصدر المطالبة سياسي وأخلاقي معاً.
كما أن الحكومة سلطة سياسية وأخلاقية، تخضع لمحاسبة ومراجعة الرأي العام؛ فكذلك المعارضة سلطة موازية تنطبق عليها ذات المواصفات، وتحتكم على ذات قواعد القياس السياسي والأخلاقي.
إذا كان مقبولاً من المعارضة أن تطالب الحكومة القائمة الآن بالتنازل عن السلطة، لعدم مشروعية الوصول إليها؛ فمن حق أي جهة أخرى الحكومة أو غيرها، أن تطالب الأحزاب المعارضة بالتنازل عن اسم (قوى الإجماع الوطني)، لعدم استوفائها شروط الإجماع!.
كيف يمكن اعتبار أحزاب البعث والناصريين والمؤتمر السوداني والحزب الشيوعي وفاروق أبو عيسى، تمثل إجماع الشعب السوداني، والأحزاب الكبرى (الأمة والاتحادي والوطني والشعبي، ومجموعة الأحزاب المسجلة) خارجة عن الإجماع!.
بمنطق حسابي بسيط، الأحزاب التي ستشارك في الحوار، كانت تمثل أكثر من 90%، في آخر جمعية تأسيسية معترف بها من قبل الجميع، حاكمين ومعارضين!.
أما المجموعة التي تدَّعي تمثيل إجماع الشعب السوداني، فهي لم تَنَلْ في ذات الانتخابات المذكورة من المقاعد في البرلمان، ما يتجاوز أصابع اليد الواحدة!.
-2-
هذا لا يعني إقصاء الأحزاب المعارضة، مهما قلَّ عددها وخفَّ وزنها بإسقاطها من قائمة الاعتبار العام، وتسفيه رؤاها، وتمهيش دورها في البناء الوطني.
مقولة معبرة قالها مهاتير محمد: (نحن في حاجة إلى المعارضة، لكي تذكرنا إن وقعنا في خطأ. عندما لا يوجد هناك من يعترض على ما نفعل، سنقع في فخ الاعتقاد أن كل ما نفعله صحيح).
-3-
في ذات السياق، لا يحق للقوى الرافضة للحوار، أن تعتبر موقفها معبِّرا ً عن قوى الإجماع الوطني في السودان، عليها اختيار اسم آخر يوافق مقتضى الحال وطبيعة الكيان!.
*رفض الحوار من حيث المبدأ موقف عبثي كسول!.
* تحويل الأجندة التي من المفترض أن يتناولها الحوار إلى شروط استباقية، موقف متعسف وغير منطقي، يصعب تسويقه للرأي العام!.
-4-
كان على القوى المعارضة التي أصدرت البيان باسم (قوى الإجماع الوطني)، أن تطرح تصورها لتهيئة بيئة الحوار من داخل اللقاء التشاوري، أو في الحوارات الابتدائية.
الحوار وسيلة حضارية للوصول لاتفاق بطرق سلمية، كان من المقبول المشاركة في الحوار وإعلان الرفض أو إبداء التحفظ على النتائج إذا لم تكن مرضية!.
-5-
ستكون الحكومة قد أهدرت الفرصة الأخيرة في الوصول لتوافق وطني، لا على اقتسام المقاعد، ولكن على تراضٍ وطني، يؤكد على سلمية الممارسة السياسية، إذا اعتبرت مؤتمر الحوار امتداداً لمؤتمراتها السابقة كنانة وأخواتها!.
ما يدفع للتفاؤل، وحسن الظن بأن هذه المؤتمر سيختلف عن سابق المؤتمرات، إعلان الحكومة أنها ستدخل للحوار دون ثوابت وبلا سقف.
-6-
سينجح المؤتمر إذا احتكم المتحاورون إلى قاعدة ذهبية، عبر عنها الرئيس الأمريكي السابق جون كنيدي:
(إن لم نستطع أن ننهي خلافاتنا الآن، فيمكننا على الأقل المساعدة على أن يكون العالم مكاناً آمناً للاختلاف).
تعريجة:
تلقيت أمس اتصالين كريمين، من الأخوين حامد ممتاز أمين أمانة الشباب بالمؤتمر الوطني، وعمر كابو مسؤول الإعلام بالأمانة، أوضحا لي أمرين مهمين وهما:
الأول/ أن زيارة الخندقاوي للأمانة زيارة سودانية عادية، ليس لها بُعد متعلق بهوية الزائر أو طبيعة أنشطته.
الثاني/ أن الدكتور أمين حسن عمر، لم يكن في معية الزائر، كما نُشر في بعض الصحف وتم التعليق عليه.
قلت للصديق العزيز/ حامد ممتاز: مثل هذه المعلومات المغلوطة، عليكم تصحيحها في وقت ظهورها، لا بعد التعليق عليها من قبل الكتاب.
على كل حال التوضيح كان مهمَّاً ولو جاء متأخراً!.
معرفتي بالرجلين أن حامد ممتاز شاب سياسي محنك، لا تفوت عليه مثل تلك الحركات البهلوانية!.
كما أن هذه الخفة غير المحتملة لا تشبه رزانة أمين التي يراها البعض (غروراً وتعالياً)!.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني