اللقاء التشاوري (نقاط على الحروف)!
خطوة جريئة وشجاعة، نقل اللقاء التشاوري حول مؤتمر الحوار الوطني على الهواء مباشرة على القنوات التليفزيونية السودانية، دون الخوف من المفاجآت غير السارة.
الشفافية ووضع كل شيء تحت الضوء وفوق التربيزة، يعطي ثقة بصدقية وجدية المتحاورين والداعين للحوار.
اختيار طريقة الإجلاس على مائدة مستديرة، عمقت فكرة الحوار وتساوي الأطراف المشاركة في الفرص والآراء وفي الحقوق والواجبات.
خطاب الرئيس كان مباشراً وموجزاً بلا تعقيد أو غموض، وإن كانت إجراءات تهيئة بيئة الحوار في حاجة لتعزيزات إضافية تسهم أكثر في توفير الثقة.
كانت ستكون مبادرة متقدمة إذا كان القرار منع التوقيف لأسباب سياسية والعفو في الحق العام للموقوفين سياسياً.
تقييد الحريات السياسية والإعلامية بالقانون، أمر مفهوم ومقبول، ولكن عادة ما يكون الاختلاف والتجاوزات في التطبيق، حينما تهزم الإجراءات المبادئ ويؤخذ ما أعطي إجمالاً عبر التفاصيل!
دكتور حسن الترابي تحدث بصورة عملية مباشرة، تركز على الآليات والوسائل في إدارة الحوار.
دكتورة فاطمة عبد المحمود انتبهت لأمر مهم، وهو أن دكتور الترابي تحدث لأول مرة بإيجابية خالية من المشاعر السالبة، ودون همز أو لمز.
لو أن السيد الصادق المهدي تحرر قليلاً من خطابه المكتوب، ربما كانت مداخلته ستكون أكثر فائدة للحوار، رغم ما توفر فيها من براعة تعبيرية واستشهادات رائعة.
تعجبني طريقة دكتور غازي صلاح الدين في صياغة أفكاره وآرائه، وإن بدا لي أكثر المتحدثين حذراً، وأقربهم للتشاؤم وعدم ثقة بما سيقود إليه الحوار!.
الباشمهندس عبد الله مسار قدم مقترحات عملية على درجة عالية من وجاهة المنطق، رغم أن مسار في كثير من المنابر كان يبدو أميل لإثارة الجدل وطرح التساؤلات أكثر من توفير الإجابات وتقديم المقترحات.
مولانا أمين بناني لم يغادر مجاله الحيوي فقد تحدث بإسهاب عن مكافحة الفساد، كنت أتمنى أن ترد إشارة مباشرة في خطاب السيد الرئيس لتأكيد عزم الحكومة على محاربة الفساد بكل أنواعه.
لم تعجبني فكرة أن يتحدث الفريق عبد الرحمن سعيد باسم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، لا عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي جاءت الإشارة إليه متأخرة بعض الشيء في ختام كلمة الفريق.
بعض الأحزاب التي شاركت في اللقاء التشاوري سمعت بها أمس لأول مرة، مثل (التواصل والرباط) وأخريات لا أذكر أسماءها الآن!.
الإشارة المتكررة لمؤتمر المائدة المستديرة في 1965، من المهم حصرها في الحصانة التي منحت لحاملي السلاح في حضورهم إلى الخرطوم، ومن ثم عودتهم مرة أخرى لميدان القتال، وألا تتجاوز ذلك إلى مخرجات المؤتمر التي لم تفض إلى شيء ذا فائدة في ذلك الزمان!.
فكرة أداء قسم جماعي لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، لا تخلو من وجاهة ذات قيمة أخلاقية قد تترتب عليها جدوى سياسية مختلف على مقدارها.
ملاحظة السيد دانيال كودي الطريفة في تشبيه مساعي تحسين العلاقات الخارجية -لأهميتها على مستويات متعددة- بالسير (كداري)، صحيح أنها أثارت موجة من الضحك ولكنها كذلك حركت مؤشرات التأمل.
أهم أمرين فيما أفضى إليه لقاء الأمس:
أولاً/ ترك الباب مفتوحاً أمام المعترضين والمتحفظين والرافضين للالتحاق بالحوار.
(الطريف أن الذين جاءوا إلى قاعة الصداقة بعد الثامنة مساءً، وعقب دخول السيد الرئيس فتحت لهم الأبواب مرة أخرى للحاق بالجلسة، ربما في ذلك مؤشر يدعم سياسة الباب المفتوح)!.
الأمر الثاني/ الحصانة التي منحها رئيس الجمهورية لحاملي السلاح للحضور إلى البلاد والعودة مرة أخرى لميدان القتال إذا لم يقتنعوا بخيار السلام.
بكل المقاييس اللقاء التشاوري كان ناجحاً من حيث الحضور والتنظيم والمداولات، وإن كان (الرك) سيكون على النتائج والمخرجات، وإن غداً لناظره قريب.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني