(حسن الخاتمة)!

فكرة جيدة ، ترك مقاعد القوى السياسية المقاطعة لمؤتمر الحوار الوطني شاغرة في اجتماع قاعة الصداقة يوم الأحد الماضي.
الإشارة واضحة، وهي التمسك بمشاركة هذه القوى إلى آخر لحظة وقتما اقتنعت بجدوى ومصداقية الحوار ستجد المقاعد في انتظارها.
الآن يبدو حزب البعث أقرب للانضمام إلى مشروع الحوار الوطني بعد رفضه أمس للبيان المشترك بين فاروق أبوعيسى ومالك عقار، وغداً قد يأتي آخرون.
من الواضح أن مشروع المصالحة عبر الحوار الوطني، يجد المتابعة والاهتمام من قطاعات واسعة في الشعب السوداني، باعتباره خيار الفرصة الأخيرة وما قبل ساعة اليأس.
قلت الاهتمام والمتابعة ولم أقل التأييد والتبني، هناك فرق بين أن تهتم بالشيء وأن تأيده وتتبناه.
أسوأ مصير كان يمكن أن يصيب مشروع الحوار الوطني في مقتل هو التجاهل والامبالاة من قبل الجماهير.
تفقد السياسة جدوها وتصبح الفوضوى هي الخيار في حالة استحكام اليأس والإحباط وإذا فقدت الجماهير الأمل في الغد بأن يصبح أفضل من اليوم.
أربع تحديات أساسية- تزيد ولا تنقص- تواجه مشروع الحوار الوطني:
التحدي الأول/ تعزيز الثقة في سلامة النوايا ونزاهة المقاصد، والخروج من لعبة التكتيكات القديمة القائمة على كسب الزمن وبيع عصير السراب في حواري (العطشانين)!
الثاني/ إحداث مقاربة استراتيجية بين الأقوال والأفعال وبين الهمس والجهر وبين المبادئ والإجراءات.
وألا ينزع بالشمال ما أعطي باليمين وألا يطبخ الطعام الجديد في الأوانئ القديمة المتسخة!
الثالث/ مقدرة المؤتمر الوطني في احتمال ما يترتب على المتغيرات الجديدة من أوضاع لم يألفها خلال خمسة وعشرين عاماً كان فيها لا يسأل عن ما يفعل.
الرابع/ ألا يتحول مشروع الحوار الوطني إلى مقاسمة “سلطة وثروة” على الطريقة القديمة لعدم الاستفادة من نصيحة اينشتاين الشهيرة في تعريفه للغباء : (فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب مع انتظار نتيجة مختلفة)!
أربعة مهددات كذلك -تزيد ولا تنقص- تواجه مشروع الحوار الوطني:
المهدد الأول/ بروز تيارات داخل المؤتمر الوطني تريد الاحتفاظ بالوضع على ما هو عليه حفاظاً على مصالحها وخوفاً من القادم المجهول.
الثاني/ سعي القوى المعارضة للحوار لاستفزاز أجهزة الحكومة عبر أنشطة متعددة بجرها لاتخاذ خطوات وردود أفعال تناقض التوجه نحو الانفتاح، حتى يسقط مشروع الحوار بالضربة القاضية.
الثالث/ قيام حاملي السلاح بتوجيه ضربة عسكرية نوعية تربك حسابات الحكومة وترتد بها إلى أجواء التعبئة التي تتقاطع مع خطاب الحريات.
الرابع/ ظهور محور استقطاب خارجي يسعى لخلق تحالف مضاد من المعارضين والمقاتلين شبيه بكيان التجمع الوطني الديمقراطي في التسعينيات.
إلى أن يثبت العكس، لن نخسر كثيرًاً إذا أحسنا الظن في أن جيل الستينيات السياسي عبر هذا الحوار يبحث عن حسن خاتمة سياسية تغفر له ما تأخر من ذنوبه!
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني