الطاهر ساتي

لقد جف عرقهم ..فأين أجورهم ..؟

[ALIGN=JUSTIFY]* هي قضية تؤرق مضاجع أصحابها وأسرهم منذ اليوم السابع من شهر مايو الفائت .. وأصحابها هم بعض ذوى الدخل المحدود ، بل بعضهم بلا دخل .. نفر منهم جاء بالقضية قبل أسبوع ونيف ، ثم ظل يتابع – بالهاتف – موعد النشر .. وتأخرت عن نشرها الى يومنا هذا .. واني اعتذر لهم عن التأخير أولا قبل عرض تظلمهم ، حيث انهمار الأحداث العامة على رؤوس الصحف وأعمدتها يحرم البعض الخاصة حق البوح في مساحة يجب أن تحتضن آهاتهم وعرضحالتهم عاجلا غير آجل .. ولكن مع التحديق المتوجس في حريق طائرة سودانير ثم قضايا أخرى ، اعترف بتأجيلي عرض عرضحال هذا النفر العزيز- الذي قصدنا لنشاطرهم الشكوى – أكثر من مرة ، .. لهم محبتي ثم العتبى ثالثا ورابعا و ( حتى يرضوا ).. و الى الجهاز المركزي للاحصاء السكاني ملخص قضيتهم التي نأمل أن تجد حلا سريعا ، خاصة وأن الحل في ..( خزائنكم ) …!!
* قبل قضيتهم اليكم هذه الحكاية الريفية ( للونسة فقط ) .. لم نكن نعلم – ونحن في مرحلة ماقبل النضج – بأن نساء الحى حين يقررن عمل مشروع الصندوق الإدخاري – المسمى شعبيا بالختة – كن يبدأن مشروعهن باختيار القوية الأمينة التي تجتهد في تجميع المال ثم تسليمها لمن يأتي دورها في الميقات ، بحيث لا تتأخر في جمع المال من جاراتها ولاتتأخر في تسليمها لاحداهن ، وهى دائما تكون إمرأة بألف رجل ، أو هكذا نصف المرأة الحديدية في المجتمع .. اختيار القوية الأمينة كان من ثوابت نساء قريتي عند كل صندوق ، ونحن لم نكن نعلم ذلك عندما فكرنا في عمل صندوق بمدرستنا ، ولذا اخترنا – بالصدفة – زميلا ظل يفعل بصندوقنا فعلا غريبا ، حيث كان يجمع المال فى الوقت المناسب – أى في اليوم الثلاثين من كل شهر- ولكن يتأخر في صرفه لمن يستحق حتى منتصف الشهر التالي .. هكذا كان زميلنا ، و لم نكن نعلم سبب تأخيره للصرف ، الى أن تفاجأنا ذات يوم بأن هذا الزميل معروف في قريته بتجارة الدوم والنبق ، حزنا له ولتجارته ، حيث كان يشترى بأموال صندوقنا الدوم والنبق – آخر كل شهر – ويبيع ، وعند منتصف الشهر يخصم أرباحه ثم يأتي برأس المال لمن عليه ( صرفة الصندوق ) .. ولهذا كان يتأخر الصرف شهريا .. لم نكن نتقاسم معه الأرباح ، بل أخفاها عنا زمنا طويلا ، ولم نكن نستلم صرف صندوقنا في ميعاده ، حيث كان الصرف رأسمال ذاك الزميل أسبوعا وآخر .. المهم ، بعد موجة من الغضب والحزن قررنا نزع أمانة الصندوق من الزميل وتسليمها لزميل آخر اخترناه بالمعايير التى بها تختار نساء الحى أمينة صندوقهن .. تحسن حال صندوقنا ، وغفرنا لزميلنا ما ارتكبه في حق أموالنا ، وتنازلنا له – طوعا – عن أرباح ( الدوم والنبق ) .. انتهت الحكاية التي سردناها ( للونسة فقط ).. نرجع لأصل القضية …!!
* أصل القضية – يا سيدي الجهاز المركزي للإحصاء السكاني – هو أن الشباب الذين استخدمهم الجهاز المركزي للاحصاء فى عملية التعداد السكاني الأخير بمحليات أمدرمان وكرري وجبل أولياء وشرق النيل ، لم يستلموا أجورهم الى يومنا هذا ..انتهت أعمالهم بنجاح – كما قالت الحكومة – في اليوم السادس من شهر مايو الماضي ، ولكنهم الى اليوم – الرابع والعشرين من يونيو – لم يستلموا أجورهم .. بمحلية أمدرمان فقط أكثر من ( 600 شاب ) .. وعلى ذلك أجمع أعدادهم بالمحليات الأخرى ( الجبل ، كرري، شرق النيل ) ..كلهم – العدادون والمراقبون والضباط – لم يستلموا حقوقهم .. الشرع يأمر بأن يسلم للأجير أجره قبل أن يجف عرقه ، ولكن هؤلاء جفت الدماء في عروقهم وهم يبحثون ايابا وذهابا – مابين الجهاز المركزى للاحصاء والولاية – عن حقوقهم .. إدارة الجهاز المركزى تخبرهم بأن الولاية استلمت أجورهم ، ولكن الولاية تخبرهم بأن التمويل لم يكتمل من وزارة المالية .. هكذا حالهم منذ يوم انتهاء أعمالهم .. ما نعلمه – ويعلمه العالم – هو أن الأمم المتحدة هى التى دفعت – بنص نيفاشا وشهادة فريق الرقابة الدولية – أجور العدادين .. إذن لماذا تأخر موعد صرفهم لأجورهم ياجهاز الإحصاء المركزي ..؟… سؤال مشروع … ولكن عمل زميلنا ذاك – في صندوق الإبتدائي – لم يكن مشروعاً …!!
إليكم – الصحافة -الثلاثاء 24/6/ 2008م،العدد 5393
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]