مكي المغربي

النهضة الأفريقية و”الجردل العربي”!

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] النهضة الأفريقية و”الجردل العربي”! [/B][/CENTER]

بحلول العام المقبل تكون ست دول افريقية تتقدمها نيجيريا قد دشنت عملتها الموحدة “إيكو”، أما في الشهر المقبل فتكون دول “تجمع شرق افريقيا” الخمس وهي كينيا ويوغندا ورواندا وبورندي وتنزانيا قد اكملت كل الترتيبات تكون العملات الصادرة منها قانونية ومبرئة للذمة في كل الدول الخمس.

وقبل هذه التطورات ظهرت “السيفا” وهي العملة الموحدة لثمانية دول غرب أفريقية تصدر من البنك المشترك لها في داكار السنغال. وأيضا هنالك “السيفا” الوسط أفريقية بذات القيمة وتصدر من لواندا الكاميرون لتغطي ست دول أخرى.

ولا فرق في القيمة بين “السيفا” و”السيفا” فالغرض هو خطوة نحو التوحد تبدأ من الغرب والوسط لتتحد وفق جدول زمني … من ناحية أخرى … “الإيكو” للدول الناطقة بالإنجليزية … وبعد فترة ربما تتوحد الإيكو والسيفا والسيفا … بالمقابل ما من ثمة مشروع لعملة عربية موحدة سوى مقترح قديم وطريف وغريب لعملة اسمها “الجردل” بغرض توحيد الجنيه والريال والدينار أو الدرهم ثم الليرة بأخذ الاحرف الأولى من كل عملة … وهكذا دائما ما نجنح للإنجازات اللفظية ولا شيء غير ذلك … نعم للأسف إنجازاتنا العربية الموحدة تلخصت في هذا الجردل الفارغ.

هنالك في كتلة جنوب افريقيا من إحدى عشرة دولة … “الراند” سيد الموقف وهو العملة الوطنية لجنوب أفريقيا ولكنه عملة قانونية في ليسوتو وسوازيلاند وناميبيا وزيمبابوي ..!

وزيمبابوي بالذات أصدرت قرارا بإلغاء عملتها وفتحت الطريق للسيد “الراند” تماما.

لو تساءلنا وحق لنا أن نستاءل … دولة أفريقية عربية ذات اقتصاد قوي مثل الجزائر هل الأفضل لها أن تنتظر “الجردل العربي!” أم تتوكل على الله وتدخل في “السيفا” التي هي على مرمى حجر منها قبل أن يتشكل الواقع الاقتصادي وهي بمعزل عنه.

أما نموذج السودان فقد حار فيه العقلاء لأنه الدولة الأولى المرشحة لتكون جسرا بين العالم العربي وأفريقيا وذلك لأن الكادر البشري السوداني نبت من تراب القارة وطينتها وهو الأقدر على فهمها والتغلغل في مجاهلها وفك طلاسمها وألغازها ولكن الزمن يمضي وما من ثمة إنجاز ملموس سوى أرقام في الهواء عن إمكانات السودان والسودانيين المذهلة وبالأمس يأتي خبر مذهل عن الميزان التجاري بين السعودية وجنوب أفريقيا والذي يقفز إلى ثلاثة اضعاف من مليارين ونيف إلى ثمانية مليارات دولار لتحتل السعودية الموقع الثاني بعد الصين في التبادل الاقتصادي مع جنوب أفريقيا وتتراجع ألمانيا من موقعها لصالح السعودية.

العرب عبروا بلا جسر إذا وسيواصلون العبور بالتأكيد … فالوقت لا ينتظر طالما أن خطط السودان أشبه بذلك الجردل الفارغ … حكي وكلام.

السودان لم يدخل في “تجمع شرق أفريقيا” لينفصل الجنوب ويغلق الباب بالضبة والمفتاح على السودان … ثم يغلق الباب “مؤقتا” على جنوب السودان ذاته وتترنح إتفاقيات فتح المعابر بين شقي السودان لتتدفق البضائع اليوغندية وتصل حتى شمال “أعالي النيل” على حدود السودان.

لم يبق للسودان إذا سوى “الكوميسا” وهي السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا … وهنالك من يدعو للانسحاب من “الكوميسا” … والنظرة المحدودة هي التي جعلت السودان عضوا غير مفيد وغير مستفيد من “الكوميسا” وجعلت بعضهم ينادي بالانسحاب!

يبدو أن”الجردل” ليس مزحة سمجة إنه مدرسة في التفكير وصناعة القرار الاقتصادي … هذا إذا كانت هنالك ثمة صناعة وليس “رزق اليوم باليوم”!
[/JUSTIFY][/SIZE]

نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني