جودية وجوكية
:: اللورد شيشر، أعظم قادة الحرب العالمية الثانية بالجيش البريطاني.. كان متفانياً في خدمة بلاده و تقاعد وصار من (قدامى المحاربين).. بعد التقاعد، لم يدخل اللورد شيشر إلى السوق بشركة خاصة، و لم يستغل شهرته – وسابق نفوذه – لمنفعته الخاصة ..بل، تذكر أنه أول من أطلق قاذفة أصابت جيش الخصم في الحرب العالمية ، ثم تذكر ويلات تلك الحرب وما بها من جرحى وإعاقات، لذلك رأى بأن أزمنة السلام بحاجة الى إطلاق أفكار تخدم البشرية وسلامها..ومن هذا التفكير السليم، أطلق اللورد شيشر السراح لفكرة ( دار شيشر لتأهيل الأطفال المعاقين).. وإنطلقت الفكرة الى أرض الواقع..ومن بريطانيا، موطن هذا القائد، انتشرت دور شيشر- بكل عدتها وعتادها – الى كل أرجاء الكون المصابة بداء الحرب والفقر.. ودار شيشر التي بالخرطوم هي تحمل الرقم (250)..!!
:: هذه فكرة من أفكار ما بعد التقاعد وإعتزال العمل العام (عسكرياً كان أو سياسياً).. وهكذا دائماً الأفكار السامية، أي بسموها تتجاوز (تظليل الذات) الى (تظليل البشرية).. دار شيشر وأعمالها الخيرية مجرد نموذج، وهذا ما يحدث حتى يومنا هذا عندما يتقاعد أو يعتزل أحد الزعماء العمل السياسي، إذ تترقب الناس والصحف ميلاد مركز دراسات أو جمعية أومنظمة خيرية يديرها الزعيم المتقاعد بخبرته وعلاقاته وسابق نفوذه ويسخر ريعها لإحدى الفئات الضعيفة بالمجتمع.. ولكن هنا، موطن الفساد وحب الذات، زعماء السياسة يحاضرون الشعب على مدار العام عن الإخلاص و الزهد والإيثار وحب الوطن، ومع ذلك تبقى أفكار ما بعد إقالة أو إستقالة ساستنا كما (ظلال أشجار الدليب)، أي منافع أفكارهم – ما بعد إعتزال السياسة – لا تتجاوز ذواتهم إلى الآخر ( شعباً كان أو وطناً)..!!
:: المهم..(وزراء سابقون، ماذا يفعلون الآن؟)، كان تقريراً رائعاً بهذه الصحيفة قبل أسابيع، كشف فيه الآخ عبد الباسط إدريس بعض أفكار ما بعد التقاعد بالسودان..وكما عكس التقرير وكذلك واقع الحال، لم يفكر أحدهم في تأسيس مركز دراسات أو مركز تدريب أومنظمة خيرية أو حتى مجرد مكتبة عامة تفيد طلاب وشباب البلد، ولكن ( كلهم دخلوا السوق).. صلاح، المتعافي، أسامة، محمود وووو ، كلهم ( دخلوا السوق)..ومع ذلك، لم يتفاجأ الرأي العام فقط بقرار هيئة التحكيم التي حكمت بين شركة الأقطان وشركة متكوت، بقدر ما تفاجأ أيضاً بدخول سبدرت وزمراوي سوق المحاماة، و( كمان بزاوية التحكيم)، أحدهما وزير عدل سابق والآخر وكيل وزارة أسبق..!!
:: وليس في الأمر عجب، قالها أحمد ابراهيم الطاهر بعد تسليم الفاتح عز الدين مفاتيح البرلمان، قالها بالنص : ( خلاص إتفرغنا للمحاماة، وبعد ده أي زول عنده قضية فساد يجيبها لينا، ح نتفها طوالي)، هكذا تحدث..وكان يتلكأ في مثل هذه القضايا عندما رئيساً للبرلمان ، ولكن بعد دخول سوق المحاماة ( ح يتفها طوالي) نظير مليار أو ضعفها، بحيث يكون طرفاً هيئة تحكيم، كما حال سبدرات و زمراوي..وقادمات الأيام حبلى بإظهار من بالأسواق من (الوزراء السابقين)..نعم، كما لسوق المحاماة نصيب من الوزراء السابقين، لسوق الشركات الخاصةمنهم أيضاً ( نصيب وافر).. إستيراد وتصدير وتجارة عامة – وسمسرة وجودية وجوكية – وغيرها، وكلك ذلك يتم بحسن إستغلال ( النفوذ السابق).. !!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]