جمال علي حسن

“كوتشينة” الثورية.. رهان على “الدك”


[JUSTIFY]
“كوتشينة” الثورية.. رهان على “الدك”

أحد أهم الأسباب التي تجعل قيادات الجبهة الثورية وتوابعها من عالم الإسفير البارد (المكندش) يفرِّغون أنفسهم تماماً أمام ملف الحوار الوطني بغرض نسفه، وعرقلة اتجاهات القوى السياسية المعارضة للانضمام له.. السبب هو أن اقتناع قوى التحالف بالانضمام لمائدة الحوار يعني سحب (جوكر) القضايا القومية من تحت قبعة المسلحين..

لا مبرر لهم للإصرار على تبني القضايا القومية في جولات أديس أبابا مرة أخرى، فالأحزاب القومية المعروفة وصاحبة الجماهير موجودة تحرس قضيتها على الطاولة، ولا يعني الإصرار على تبني الجبهة الثورية وقطاعها للقضايا القومية بعد إجماع الجميع على الطاولة، إلا معنىً واحد، هو أنهم لا يعترفون بأي حليف سابق لهم إذا انضم للحوار، وهذه فكرة إقصائية كاملة الدسم وكاملة الأوصاف..

ليس من المعقول أو المقبول أن يرجح أي شخص عادل كفة الجبهة الثورية على كفة الأحزاب التأريخية في أحقية وأولوية تبني القضايا القومية..

لا يمكن أن نتصور أن كفة عقار وعرمان والحلو ومناوي وجبريل أثقل وأرجح من كفة القوى السياسية بأحزابها الجماهيرية التأريخية وتيارات القوى الحديثة فيها، فيما يخص الحديث عن أجندة المعارضة السياسية أو أجندة التحول الديموقراطي.. بل ليست هناك مقارنة على الإطلاق بين وزن وحجم تلك القوى السياسية وبين حملة سلاح، لذلك فإن قيادات الجبهة الثورية وقطاعها تسعى بكل ما تملك من قدرة لـ(فركشة) إجماع طاولة الحوار الوطني.. تسعى بكل السبل للتشويش على من افترضت أنها أولى منهم أو أكفأ منهم بتبني قضايا المعارضة، وهم في غفلتهم وبغباء سياسي كامل يتحدثون عن حليفهم العسكري الذي يتفاخرون بالتنسيق معه..

إنني أصف إصرارهم على التنسيق بأنه شاهد على حالة غفلة وغيبوبة عن الوعي، لأنهم لم يتعلموا شيئاً من التأريخ القريب ومن تجاربهم السابقة، حين كانوا حلفاء لقرنق وعلى تنسيق تام معه ويزفونه عريساً سياسياً منتصراً لقضيته، ويحملونه على الأكتاف إلى (كوشة نيفاشا). حيث حقق حلم العمر.. ثم يودعهم هو وجبهته الشعبية الوداع السياسي الأخير، ويتركونهم في منتصف الطريق، ويمضوا نحو تحقيق مشروعهم ممزقين كل أوراق أسمرا وجلسات السمر تحت القمر..!

التنسيق مع المسلحين، لو كنت تتعلم شيئاً من التأريخ يا أبوعيسى، لا يرتفع بتحالفكم أعلى من وصف (الوصيف) السياسي، ووزير العريس الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعتبر العرس عرسه..!!

الجبهة الثورية لن تؤيد الحوار الوطني أو تشجعه ولو جاء مبرئاً من كل عيب، لأن الحوار ببساطة يصادر منهم كرت الضغط الذي يحاولون استخدامه بهدف الحصول على أكبر قدر من المكاسب، وهذا الكرت هو (القضايا القومية) قضايا المواطن، والغريب أنهم، هم أنفسهم يمثلون أكبر أزمات المواطن، فعدم الاستقرار العام وأمن القرى وأهلها هي أكبر وأهم هواجس وقضايا المواطنين التي تتسبب فيها تيارات التمرد، فكيف يريد أن ينقذني مَن يستخدم الرصاص والقنابل ضدي كمواطن، ويجتاح المدن والقرى مخرباً ومروعاً ومشرِّداً لأهلها.. قل لي كيف..؟

يظنون أن مائدة الحوار يمكن أن تنفض بقانون (الدك) في الكوتشينة ولعبة الورق مثل قصيدة كنا نسمعها في أركان النقاش زمان:

سرق الجوكر شان تندك.. وما بتندك

جدع الفرمالة عشان تندك.. وما بتندك

فوت جرّة عشان تندك.. وما بتندك

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي