الطاهر ساتي

تمشي بقدامو طواااالي

[JUSTIFY]
تمشي بقدامو طواااالي

:: ومن لطائف الشباب، جمع موقع التواصل الإجتماعي أحدهما بفتاة، وبعد التعارف وتبادل الهواتف، إلتقيا بمنزلها .. وصباح اليوم التالي بالجامعة، أراد الشاب أن يباهي – بمغامرته تلك – لزميله في الكلية، وبعد وصف جمال الفتاة، شرع يصف عنوان منزلها الذي جمعهما : ( تنزل في محطة خمسة، تمشي شمال، تخلي الشارع الأول والتاني، بيلاقيك محل غاز، و ح تلقى بيت من طابقين بابه لبني فاتح عليه)، و صمت..ولكن، فاجأه زميله منزعجاً : ( يا زول ده بيت خالي)، فتلعثم صاحبنا قليلاً، ثم إسترسل في الوصف بمنتهى الذكاء : ( ياخ عارفو بيت خالك، بس تمشي بقدامو طوااالي، ح يلاقيك حلاق فاتح جنوب و..و..)، أو هكذا أنقذ نفسه ..!!

:: وهذا ما حدث في (إبريل 2008)..تم تشكيل لجنة تحقيق بعد أن كشفت الصحف تسرب بعض الأدوية إلى أسواقنا رغم عدم صلاحيتها وعدم مطابقتها للمواصفة العلمية، وتم تكليف اللجنة باثبات عدم الصلاحية ومطابقة المواصفة.. إجتمعت اللجنة ودرست كل الأوراق وأخضعت الأدوية للمعاينة والفحص وسافرت إلى المصانع، ثم كتبت بالنص : ( كشفت معامل التحاليل الدوائية وجود تسييل بالدواء، ولكن الشركة قامت بمعالجة هذه المشكلة)، هكذا أثبتت اللجنة صحة التقارير الصحفية التي كشفت عدم صلاحية الدواء وعدم مطابقته للمواصفة العلمية ..ثم رفعت تقريرها لوزير الدولة بالصحة، وكان بتاريخ (8 ابريل 2008 )..!!

:: ولكن، عندما إنزعج الرأي العام وطالبت الصحف بمحاسبة أطراف تلك (الصفقة القذرة)، رفعت تلك اللجنة ذاتها تقريراً آخر إلى وزير الدولة بالصحة ذاته، ولم يحذف من هذا التقرير غير ذاك النص – الموثق لعدم الصلاحية -الوارد في التقرير الأول..نعم، فقط حذفوا النص الكاشف لفساد أجهزة الدولة وبعض الشركات، ثم سلموه لوزير الدولة بالصحة..والمضحك للغاية، عندما عدلوا تقريرهم الأول بحذف ذاك النص – بحيث يكون تقريراً آخر- لم يعدلوا تاريخ التقرير الآخر..أي، لتفادي غضب الرأي العام والصحف وضعوا أمام وزير الدولة بالصحة تقريرين – الأصل والمزور- بتاريخ واحد، وهو ( 8 إبريل 2008)…و التقريرين بطرفنا، إن كان أمر هذا التزوير يهم سادة المسماة بالعدالة في بلادنا ..ولكن التزوير – وغيره من الموبقات – من طبيعة الأشياء المعتادة لتمكين ( فقه السترة).. !!

:: المهم..تلك قضية مشهورة ومعروفة ب (جلفار قيت)، وموثقة في إرشيف صحف ذاك العام.. ومناسبة إجترارها اليوم هي أن البروف الطيب محمد الطيب، عميد كلية الصيدلة بجامعة أمدرمان الإسلامية، من الذين وقعوا على التقريرين.. نعم، وقع البروف الطيب وآخرين على تقرير يصف عنوان المنزل بمنتهى الدقة ( من طابقين وبابو لبني)، ولكن بعد أن تفاجأ بغضب وانزعاج آل البيت وقع البروف الطيب وآخرين على تقرير آخر يتجاوز المنزل بمنتهى الذكاء القائل : ( بس، تمشي بقدامو طوااالي)..مهما كانت الأسباب والمؤثرات والضغوطات وأثقال الترهيب والترغيب، ما كان على العلماء والأساتذة تعديل تقاريرهم العلمية والمهنية بغرض ترضية ( زيد أو عبيد)..ولكن هكذا حال أي مناخ سياسي لئيم، يُفسد حتى العلوم وتقاريرها ..!!

:: وعلى كل حال..اليوم – 21 ابريل 2008 – بطرف البروف الطيب محمد الطيب، عميد كلية الصيدلة بجامعة أمدرمان الإسلامية، ملفات كل القضايا الدوائية التي أثارتها هذه الصحيفة، باعتباره رئيس لجنة التحقيق التي شكلها الوزير بحر أبوقرده وزير الصحة الإتحادية مطلع الأسبوع الفائت..نعم، كل التجاوزات بوثائقها ووقائعها وشخوصها وأدويتها ومستحضرات تجميلها، بطرف رئيس لجنة التحقيق البروف الطيب محمد الطيب والأعضاء البروف بشير إبراهيم عثمان، عميد كلية الصيدلة بجامعة الخرطوم، والمستشار القانوني لوزارة الصحة و ممثل الإدارة العامة للجمارك..أرادوا أن يبقى هذا الأمر سراً حسب نص السرية الوارد في القرار الوزاري، ولكن (لا)، يجب أن يخرج لمن يهمه الأمر وهو ( المواطن)..فالوارد ذكرهم هم المناط بهم التحقيق والتحري – خلال شهر – ثم رفع ( التقرير)..!!

:: ولم تسقط من ذاكرة الناس، قبل أشهر، رغم أنف بياناتهم وشتائمهم،لقد وفقنا الله في فضح وإزالة قيمة الدولار التي كانت تسعر بها الشركات أدويتها ( 9 جنيهات).. واليوم، رغم أنف حملتهم الإعلامية التي يقودها وزير الإعلام شخصياً، سوف يوفقنا الله بفضله وتوفيقه في فضح و إزالة الشركات والأدوية ومراكز القوى الفاسدة، ولا نتوكل إلا عليه.. وعليه، لتكتمل الحقائق، فالمطلوب – من رئيس هذه اللجنة، البروف الطيب محمد الطيب – رفع تقرير واحد فقط لاغير، وليس تقريرين، أو كما حدث في ( ابريل 2008)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]