قلب «اليمني» في أم درمان
رحم الله الفنان الكبير عثمان اليمني، الذي رحل من بيننا قبل أيام قليلة، ورحم الله زميلتنا الراحلة نادية عثمان مختار، فقد سجل الاثنان – رحمهما الله – حضوراً باذخاً مساء الجمعة في (يوم الزيارة) بفضائية أم درمان، «نادية» تقدم.. و«اليمني» يتحدث ويغني، وإلى جانبه ابنته الدكتورة «رحاب» في يمينه، وعلى يساره شقيقه «محيي الدين اليمني» وليس بعيداً منهم الشاعر «محمد عثمان عبيد».
المصادفة وحدها قادتني إلى البحث في القنوات، لتقع عيني وأذني وإحساسي على ذلك اللقاء، الذي أحسب أنه كان آخر لقاء أجرته قناة تلفزيونية مع الراحل المقيم «عثمان اليمني» رحمه الله، ومن المصادفات أن حلقة خاصة كان تلفزيون السودان يبثها في ذات التوقيت ضمن سلسلة برنامج (أسماء في حياتنا) الذي يعده ويقدمه الدكتور عمر الجزلي، لكن التسجيل لم يكن بحداثة ذلك الذي شاهدته في فضائية «أم درمان».
شدتني الحلقة لأنها ضمت نجمين غابا عن عالمنا المحسوس، هما «اليمني» و«نادية» رحمهما الله، وكان الفنان «عثمان اليمني» يتحدث بأريحية وطيب نفس مع شجاعة في الرأي لا يملكها الكثيرون، وقد ظهر ذلك في إجابته عن احتفالات التكريم التي أقيمت له، فقال بوضوح إنه لا قيمة لتلك الاحتفالات، التي تبدأ بالكلمات وتنتهي بالوشاحات والشهادات التقديرية، ولا يمنحك من يقوم بتكريمك قيمة (المسمار) الذي تعلق عليه تلك الشهادات، وكانت الرسالة واضحة، أي أن التكريم المعنوي لابد وأن يقترن بتكريم مادي.
ثم كان الرأي أكثر وضوحاً عندما تحدث عن علاقته بنظام حكم الإنقاذ منذ أيامه الأولى، وكيف أنه القى في مدينة «الدبة» بالولاية الشمالية قصيدة الشاعر الراحل «سيد أحمد الحردلو» رحمه الله (تقول لي شنو.. وتقول لي منو» وهو على خشبة المسرح، وعندما وصل إلى المقطع القائل (نحنا التاية.. والانداية) سكت، فأخذ الجمهور يستحثه على المضي في القاء القصيدة، لكنه ابتسم وسأل قيادات المنطقة السياسية والتنفيذية: (أقول؟) أكثر من مرة، فقالوا له: (قول) فقال.
تحدث عن رحلته بالعربات من «الدبة» إلى دارفور رفقة الأستاذ محمد الحسن الأمين وآخرين، وقال ببساطة ووضوح شديدين إنه لم يغيّر موقفه من (الإنقاذ) – هكذا قال – وهو معها (قلباً) و(قالباً).
رحم الله «الحردلو» و«عثمان اليمني» و«نادية عثمان» وغفر لهم وادخلهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
آمين ..
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]