صلاح الدين عووضة

الشجرة الملعونة ..!!

[JUSTIFY]
الشجرة الملعونة ..!!

* بعيداً في المدينة النيلية تلك كنا نعشق شجرة الزونيا الشهيرة بجوار الشاطئ..ٍ

* كنا تلاميذاً في المرحلة الابتدائية يجمع بيننا – الى جانب ضروب من العشق أخرى – عشق الشجرة المذكورة..

* ورغم أنها لم تكن ذات صلة بالشجرة التي أخرجت أبوينا من الجنة إلا أن (الكبار) كانوا

يصيحون فينا كلما علموا بممارستنا للعشق

ذاك: (ألم ننهكم عن تلكم الشجرة ؟) ..

* أما صنوف العشق الأخرى تلك التي كنا نمارسها فهي (الدافوري) ، وتسلق الجبل،

ومشاهدة الأفلام مع (الخواجات) مساء كل خميس..

* ومن الأفلام المترجمة هذه عرفنا مصطلح (ممارسة الحب !!) ..

* ولكن ما كنا (نمارسه) من حب – أو عشق – نحن لم يكن ذا صلة بـ (الممارسة) السينمائية هذه..

* ثم إن (كبارنا) هؤلاء ما كانوا (يُحرِّمون) علينا من هواياتنا المشار اليها تلك كافة إلا

الخاصة منها بشجرة الزونيا..

* ولم نكن نعلم سببا لذلك (وجيها) ..

* فقد كنا نراها شجرة (وجيهةً!!) جداً ذات ظلال يحلو اللهو فيها ..

* ثم إن تسلقها يتيح لنا متعة التحديق في جمال النيل من علٍ والمراكب تسبح بين الشاطئين جيئةً وذهابا..

* وفضلاً عن ذلك فإن ثمارها كانت في نظرنا أحلى طعماً – وشكلاً – من عنب جنينة حاج الريح..

* وحاج الريح هذا – للعلم – هو الذي كان يُقال عنه آنذاك: (ليس أجمل من عنبه إلا بناته) ..

* وبما أنه لم يكن لنا في بناته (من حق) – حاج الريح هذا – فقد قلنا إن ثمار الزونيا كانت

(أحلى) من عنبه، ولم نقل: (من بناته) ..

* و (الحق) الذي أشرنا إليه هذا مرده الى صغر أعمارنا وليس إلى الذي عناه قوم لوط في

الآية التي اقتبسنا منها البلاغة التوروية هذه..

* وما زال كاتب هذه السطور يذكر كيف أنه أجهد ذهنه – وقتذاك – في فهم الصلة بين

(البرتكان) و (النهد المدردم) في رائعة وردي (القمر بوبا) ..

* ثم تشاء الصدف أن يجيء وقت تتسع فيه دائرة عدم الفهم هذه تجاه (صلات!!) بين أشياء عدة…

* بين (ممارسة الحب!!) – مثلاً – كما فهمناه عبر أفلام سينما (الخواجات)، وما كنا (نمارسه)

نحن من ضروب الحب المذكور..

* وبين البرتقال والنهود…

* وبين العنب وبنات حاج الريح…

* وبين المانجو و (المنقة البشرية!!) التي أسفل شجرة الزونيا..

* وقد كان ذاك في ليلة مقمرة تخيرناها لممارسة عشقنا (الزونيوي!!) بعيداً عن أعين (الكبار) ..

* وهي الليلة التي علمنا فيها لِمَ كان الكبار أولئك ينهوننا عن تلكم الشجرة..

* فما أن طاب لنا المقام أعلى شجرة الزونيا – مجلساً ومطعماً ومنظراً – حتى أحسسنا بأن ثمة رفقةً لنا (غير مأمونة!!) ..

* كان ذلك أسفل الشجرة عند الجزع….

* ثم سمعنا شهيقاً وزفيراً و (همهمات) ..

* وما استطعنا تمييزه من كلمات – في خضم (اللهث!!) ذاك – كان ربطاً بين (البرتكانة والنهد

المدردم)، وبين (المنقة واللون)، وبين (العنب والشفاه) ..

* ومن بين الأغصان والفروع والظلال حاولنا أن نبصر ما يحدث أسفل الشجرة دون أن

نصدر أصواتاً تدل على وجودنا ..

* ونجحنا في ذلك بفضل ضوء القمر..

* وتجمدت الدماء في عروقنا…

* فلم يكن هنالك برتقال ولا عنب ولا مانجو ولا يحزنون..

* ولكن كانت هنالك (ممارسةٌ للحب!!) غير ذات صلة بما هو معهودٌ لدى (البشر) ..

*أو بالأحرى ؛ لم يكن هنالك من (بشرٍ!!) أصلاً ……

* أما نحن فلم نعد (نمارس حب!!) شجرة الزونيا منذ اليوم ذاك ..

* فقد غدت – بالنسبة لنا – (الشجرة الملعونة !!!!!!) .
[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة