جمال علي حسن

إلى معتمد الخرطوم.. أين الحكمة وأين التقدير؟


[JUSTIFY]
إلى معتمد الخرطوم.. أين الحكمة وأين التقدير؟

في المأثور المسنود والصحيح أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف حد السرقة في عام الرمادة وقال لا يقطع في عذق ولا عام السنة (والعذق: النخلة) فقد رأى سيدنا عمر رضي الله عنه أن شرط القطع غير متحقق.

العام 2014 في السودان برغم ما فيه من انتصارات سياسية مبشرة وكبيرة في ما يخص أمور الوفاق السياسي ووضع أرضية ارتكاز متينة لصنع الاستقرار إلا أن الثابت الذي لا جدال فيه هو ازدياد الضغط الاقتصادي والمعيشي على المواطنين بشكل غير مسبوق (عصرة حقيقية) جعلت الصابر يشكو ويرتجف والضعيف يكاد يفقد صوابه.

أين حكيم هذه البلدة الظالمة.. ليأتي ويعلم معتمد الخرطوم أن مهمته الأساسية ليست هي مكافحة ما سماها (الظواهر السالبة) من الأعمال الهامشية مثل غسل السيارات التي يلجأ إليها بعض الشباب ليأكلوا خبزاً حلالاً وبعرق جبينهم بدلاً من أن يتسولوا قوت يومهم أو يستسلم الضعيف منهم للجوع فيمد يده على (حق الناس).

ليست مهمتك يا معتمد الخرطوم القضاء على تلك الظواهر قبل أن تكون قد قمت بتحليل أسبابها وأعددت خياراتك البديلة لهؤلاء المواطنين.

نعتقد أنه قد انتهى زمان الخم واللم والطرد وتحدي المواطن (برجالة السلطة) انتهى هذا الزمان الذي ستفعل فيه ما يحلو لك دون أن تُسْأل عمن يشكون من ظلمك لهم.

إن لم ينته هذا الزمان فيجب أن ينتهي الآن وأن تتعامل السلطات مع أصحاب (الأعمال الهامشية) بسياسة العلاج وحل قضاياهم بدلاً من الحرب والطرد والمطاردة، ولا أعرف حقاً ماذا تعني هذه العبارة (أعمال هامشية) لكنهم يسمونها بهذا الاسم ويقصدون بائعة الشاي وليست بائعة الهوى..!

ويقصدون من يغسل السيارات وليس من امتلك عددا من تلك السيارات في وقت وجيز وبمدخول مالي لا يتناسب مع طبيعة عمله..!

ويقصد نمر ماسحي الأحذية..!.. بالله عليكم هل هذه انتصارات أو نجاحات تتفاخرون بها.. من هؤلاء ولماذا اضطر هذا الصبي لأن يعمل ماسح أحذية، هل قطع تعليمه وما هي الأسباب..؟ وما الذي يليك كمسؤول حكومي عن هذه الأسباب.. ألا يعنيك منها شيء..؟!

ألا يعنيك أمر من أغلقت كل أبواب العمل في وجههم فاختاروا مهنا بسيطة قد يقيهم مدخولها البسيط شر السؤال والتسول..؟

كثيراً ما كنت أجد أطفالا يقدم لك الواحد فيهم الحلوى التي يبيعها من نافذة السيارة في (الاستوبات) وحين تعتذر له عن الشراء يضطر لأن يترجاك رجاءً أن تشتري منه.

إنه عام رمادة وعام ضيق فلا تجعل سيفك مسلطاً لقطع الأرزاق وليست هذه (فلاحة) أو نجاحاً.. والله..

اهتموا بمعالجة أمور الحياة الأساسية وتوفير الخدمات في ولاية الخرطوم وابتعدوا الآن عن أرزاق الناس في هذه الظروف.. وليتسخ شارع النيل وليسوء منظره السياحي ليست هذه هي المشكلة الكبيرة الآن في الخرطوم وصدقني يا نمر لا أحد يهتم بما تعمل أو يشكره حسب تقديري لأن السودانيين سواء أكانوا مسؤولين أو غير مسؤولين بطبعهم لا يحاربون أرزاق الناس ولو صمتوا ولم يعارضوا ما تفعله فإن هذا لا يعني أنهم يباركون هذا الفعل..

لك السلطة وهي أقل مستويات السلطة وأتمنى أن لا تنال درجة أعلى منها، هي سلطة معتمد فقط أما هم فلهم حق الدعاء من أوسع الأبواب التي لا يغلقها مخلوق.. باب السماء.. اتركهم يا أخي وغض الطرف عن هذه الظواهر الآن (خلي الأمور تمشي) واتركهم (يباصرون) لقمة عيشهم إلا في حدود ما يضر الآخرين وبشكل مباشر.. فليست هذه هي القضية الأهم.. حاول ومن معك عمل شيء تشكرون عليه وعمل شيء يذكركم فيه المواطن بالخير.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي