مع عرمان .. في راديسون بلو!
مأزق ياسر عرمان الحالي واضح للعيان وهو أن ميثاق كمبالا فشل … ثم اجتهد مجددا في إعادة إنتاجه في أديس عندما اصر على توسيع الأجندة واستقدام القوى السياسية (وما تبقى من التجمع) لتقف خلفه مثلما وقفت مع الحركة في نيفاشا … ولكنه فشل في أديس أيضا وبزغ فجر المائدة المستديرة في الخرطوم لتكون هي ما يمكن أن يفضي إلى ميثاق فجر جديد حقيقي!
مأزقه أيضا أنه كان يسند ظهره لدولة الجنوب (نسخة باقان أموم) … ومن أجل مشروع السودان الجديد ضحى الجنوب بـ 14 عشر شهرا من تدفق النفط … وبسبب العبء العسكري الثقيل و(الإرتباط) تعقدت معادلات الجنوب السياسية وتضخم الدور اليوغندي (معبر التمويل والسند الغربي) … وكانت النتيجة حريق الجنوب.
لقد كانت جلسة غريبة وتم تنظيمها سريعا في مقهى فندق راديسون بلو … على يمين عرمان شخصي الضعيف والأستاذ محمد طه توكل … وعلى يساره مزمل أبو القاسم ورحاب طه وفي مواجهته مالك طه والخليفة عبد الرازق الحارث موفد اخبار اليوم ورئيس تحرير الدار … وجمهرة من الصحفيين الأجلاء.
لأول مرة أشاهد عرمان يتحرك وفق أجندة دفاعية من موقف دفاعي … لكنه ببراعته المعهودة يجتهد في تحويله إلى موقف هجومي وينجح احيانا … والمشكلة الأساسية التي تواجه عرمان هذه المرة .. المائدة المستديرة شمالا وملامح فشل السودان الجديد جنوبا …!
تلقى الأسئلة بصبر وطول بال وانتقى عبارات جيدة ولبقة ولكنني ضبطته متلبسا بالارتياح والانشراح في سؤال … ومتجهما يخفي غضبه ووجعه في سؤال.
لم يعجبه سؤالي (السودان الجديد يتجلي الآن في البشاعات التي تحدث في جنوب السودان وهذا ما يقيم بينكم وبين الشعب السوداني حاجزا لا يسهل زواله) … ابتدر رده بأنه يتمنى ألا يكون حديثي (شماتة) في شعب جنوب السودان … وهو رد يشبه ردود أركان الشمال … ومحاولة للإنصرف عن فشل مشروع السودان الجديد لترديد ا”لاكليشيهات” التي يتقرب بها اليساريون لشعب الجنوب ويدعون أنهم يحبونه وأن الآخرين يتعالون عليهم ويضطهدونهم ويشمتون على جراحاتهم.
أي حب هذا اعزائي اهل اليسار؟ قسمت السودان وادخلتم الجنوب في مذبحة دموية رهيبة … حقيقة من الحب ما قتل … على العموم لو كنت شامتا لكانت الشماتة في مشروع السودان الجديد وليس الجنوب … ولكنني لست شامتا بل أمارس حقي المشروع في النقد … مع كامل التقدير والاحترام!
انشرح ياسر لسؤالي … نجحت التجربة التونسية وطبعت علاقاتها مع المجتمع الدولي بالرغم من انها حكومة إسلاميين وذلك لوجود (ضامن علماني) … هل يمكن أن يكون قطاع الشمال بقيادة ياسر عرمان هو الشريك والضامن العلماني للتسوية القادمة؟!
كانت إجابته طويلة وتفصيلية … ونتناولها مرة أخرى ..!
عزيزي ياسر عرمان … ما زالت تتوهج بالكاريزما وسط اليسار السوداني وما زلت الأبرز دوليا ومحليا في تمثيل العلمانيين السوادنيين لكن لو كانت هنالك إمكانية صفقة سياسية تصبح بموجبها (الضامن العلماني) … فإن هنالك شروطا واستحقاقات أولها الخروج الكامل من عبائة الحزب الشيوعي السوداني … لتقود الصف التقدمي من وسطه لا من طرفه الأقصى …!
الحكومة حاليا تفاوض الحزب الشيوعي عبر ياسر عرمان … فالحزب يضع الأجندة وياسر يمتلك التمويل … ذات المرارات الشيوعية في مواجهة الإسلاميين لم تختف … لا سيما من (مقالات أنصارك على الأسافير) … وهي تمثلك حتى يثبت العكس!
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني