(ع) و (غ)
حرفان متتابعان، أضحى تتابعهما مثل تتابع (س) و (ص) في المعادلات الرياضية، لكن الفرق بين ما يجمع بين (العين) و (الغين) ليس هو ما يجمع بين (السين) و(الصاد) لأن الحرفين الأخيرين هما رموز رياضية يستدل بهما في المعادلات ويمكن الوصول من خلال تحريكهما أو تعريفهما إلى نتائج واضحة.
لكن (العين) و(الغين) هنا لا تعنينان أكثر من رمزين لأسمين كبيرين داخل مكتب مسؤول سياسي وتنفيذي كبير، قاما باستغلال النفوذ وعاثا في(الأراضي) فساداً بلغت جملة عائداته مليارات لا تستطيع عقول البسطاء من أمثالنا تصور حجمها الورقي أو العقاري أو ذلك المتحول إلى مركبات قيل إنهن خمس، مع عدم تبيان أو توضيح حقيقة حجم العقارات التي يجزم بعض معارف (عين) و(غين) أنها شملت عمارات في الرياض ومنازل في غيرها..
نحن مع استرداد كل قرش عام دخل الجيوب الخاصة ، ونحن مع خطوة المسؤول الأول الكبير الذي لم يقصد تبرئة ذمته بقدر ما أراد أن يأخذ القانون مجراه وتتم محاسبة الذين خانوه، ثم خانوا الأمانة، وعبثوا بأموال الشعب(المشغول) بالسعي وراء لقمة العيش وتوفير أبسط متطلبات الحياة من ملبس ومسكن ومأكل ومشرب وصحة وسلامة..
لكن صدمتنا كبيرة وصدمة الآخرين كذلك في أن تكون النتجية النهائية هي(إذهبوا فأنتم الطلقاء) نخشى أن يتكرر ذات السيناريو، بأشخاص آخرين على مسرح سياسي أو تنفيذي، ولائي أو اتحادي، فإذا تم إكتشاف الأمر، تكون الأموال قد أخذت دورتها وأنتجت وأنجبت من العملات ما يعجز عن عده(العدادون)، ليقوم أشباه (عين) و (غين) برد (أصل المال) في وقت (قطفه) من شجرة الدولة، المسقية بمياه الثقة، ليتم الدفع مع ابتسامة عريضة و.. (يادار ما دخلك شر)..
أما إذا لم يتم اكتشاف الأمر.. فالحساب يوم الحساب، أو كما نقول عندما يعجز خصم عن إعادة حقه المنهوب، أو عندما تعجز الحكومة عن أسترداد ما أبتلعه أصحاب الإبتسامات العريضة.. و(البلاعيم) الأعرض.. (العين) تشبه(الغين) لولا (النقطة) التي تعلو الأخيرة، ويحكى أن أحد المغيّبين بإراداتهم كان داخل بطن حافلة من ذوات رحلات العربي الطويلة، وإلى جانبه صبية صغيرة السن، واسعة العنيين وعلى حاجبها الأيمن شامة ظاهرة.
أخذ المغيّب يحدق ملياً وبلا إنقطاع في وجه الصبية الحسناء، التي تبرمت وتضايقت فإنتهرته بصوت مسموع:(يازول بتعاين لي كده ليه؟)..
إبتسم المغيّب دون أن يطرف له جفن ولازالت نظراته مصوبة إلى حاجب الفتاة النوني الأيمن الذي تعلوه الشامة.. وقال لها بصوت هاديء: (في الحقيقة كنت بتساءل إنو دي غين.. وللا عين)..
نخشى أن نتساءل جمعينا بعد الآن في أن هذا المؤتمن على مكتب أي مسؤول.. هل هو (عين) أم (غين) فإن كان (عيناً) فتلك مصيبة وإن كان(غيناً) فالمصيبة أعظم.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]