عبد اللطيف البوني

وباخت الندوات


[JUSTIFY]
وباخت الندوات

هذا المقال والذي سبقه بالامس قاما على فرضية ان الندوات السياسية لم تعد الوسيلة المناسبة لمخاطبة الجمهور وأنها اصبحت من الماضي فباخت لأسباب موضوعية واسباب إجرائية تقع بين وسائل الاتصالات الحديثة من سماوات مفتوحة وتواصل اجتماعي ووسائل مواصلات ومحقة الزمن وقد فصلنا فيها بالامس ثم اوردنا نماذج من الليالي السياسية عندما كانت الوسيلة الفضلى للتعبئة السياسية وحشد الأتباع للتأثير على السلوك السياسي خاصة الانتخابي.
دعونا نطوي الزمان ونقفز الى يومنا هذا فبعد خطاب الوثبة في يناير ولمة السياسيين في قاعة الصداقة في السادس من ابريل هذا ثم صدور القرار الجمهوري الخاص بتنظيم حرية التعبير والتنظيم الحزبي حدث حراك سياسي فانعقدت ثلاث ندوات سياسية الاولى أقامها الاصلاح الآن في ميدان الرابطة في شمبات والثانية في نفس المكان اقامها حزب المؤتمر السوداني لقوى التحالف الوطني والثالثة في ميدان المدرسة الاهلية في ام درمان اقامها الحزب الشيوعي وقد أم تلك الندوات جمهور يحسب ببضع آلاف.
لابد من طرح السؤال: لماذا ذهب الناس لتلك الندوات؟ هل لسماع شيء جديد ام لممارسة حق سياسي كان مغيبا ام لإثبات وجود؟ في تقديري ان الجمهور لم يذهب لسماع شيء جديد فان كانت كل تلك الندوات اقامتها أحزاب معارضة فان ما تعرضه الصحف يوميا وما يدور في وسائط التواصل الاجتماعي وفي مجالس المدينة لم يترك للإنقاذ صفحة ترقد عليها من قضية اقطان الى ارتفاع دولار الى سرقة مكتب الوالي واستقالة ذلك الوالي مكرها الى.. الى.. ثم ثانيا الاحزاب التي اقامت الندوات موقفها السياسي معروف فالاصلاح مع الحوار والتحالف بما فيه الشيوعي ضد الحوار وكلها تريد اقامة مربع سياسي جديد, عليه يمكننا القول ان الذين ذهبوا لتلك الندوات ذهبوا لتسجيل موقف سياسي وليس لسماع كلام او رؤية جديدة وهذا يعني ان نفس الندوات سيكون قصيرا.
من ناحية لوجستية فان الندوات وان كانت في ميادين عامة وليست في صالات مغلقة فانها مكلفة ماديا وهذا سوف يمكن الحزب الحاكم من اقامة ندوات اكثر حضورا لأن منسوبيه سوف يستخدمون مركبات الدولة كما ان خبرته وقدرته المادية على التحشيد التي بدأت منذ ايام الجبهة القومية الاسلامية في الديمقراطية الثالثة لم تنقطع مع ان الناس في ندواته سوف يسمعون كلاما مكررا.
مع العقلية الحديثة لم يعد من الممكن استخدام دراما الليالي السياسية التي اشرنا لها بالامس فالندوة غير الليلة السياسية تخاطب العقل وليس العاطفة لذلك سيكون جمهورها نوعيا ومحدودا , فالحزب الشيوعي وبخبرته الطويلة فطن لهذا الامر لذلك كانت ندواته قبل الانقاذ مصحوبة بفنانين كبار وفي ندوة المدرسة الاهلية الاخيرة كان كورال الحزب موجودا بالاضافة لأشعار محجوب شريف وحميد فهذا يعني ان الحزب مقتنع بأن الخطاب العقلاني السياسي لم يعد كافيا لجذب الجمهور فذهب لمخاطبة الوجدان لكن السلوك السياسي الناجم من الابداع غير ذلك الناجم من مخاطبة العقل.
ان قلنا إن الندوات السياسية زمانها فات وغنايا مات فان هذا لا يقلل من فرص الخطاب السياسي بل على العكس تماما مع الطفرة الاتصالية لم تعد هناك اي مشكلة في نشر الخطاب السياسي ولكن شريطة ان يكون متناسبا مع الوسائط الحديثة فيجب ان يقوم على مخاطبة العقلية الحديثة, فخلاصة قولنا هنا اننا في زمن لا تنفع معه ادوات الزمن الماضي ولاخطاب الزمن الماضي العاطفي فانتبهوا يا اولي الاحزاب.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]