مكي المغربي

تقييم للأداء التفاوضي السوداني … من أديس أبابا!

[JUSTIFY]
تقييم للأداء التفاوضي السوداني … من أديس أبابا!

ليس من رأى كمن سمع … تجربة المفاوضات على واقع الأرض أكدت لي مجدداً أن المفاوضات عملية معقدة ومتشعبة ولكن فيها ستة أجزاء واضحة (الكثير من المراجع تكتفي بعدد أقل ولكنها تتناول المتبقي ضمنياً):
.1 الشق الإجرائي … في تحديد المواقيت والجدول الزمني وعدد المشاركين في الجلسة. بالرغم من أن هذا الشق يبدو روتينياً وغير مؤثر إلا أنه مهم للغاية إذ يستخدم في تكتيك إضاعة الوقت وإنهاك الطرف الآخر وتشتيت انتباهه. وكما يقول أهل كرة القدم على سبيل المثال (خسر الفريق بسبب البرمجة الضاغطة).
. 2 الشق الوثائقي المرجعي … ويتلخص في جاهزية المراجع والوثائق ذات الصلة والتي تعزز الموقف التفاوضي أو توجد حلولاً بديلة.
. 3 الشق المهني … ويشمل تدوين المحاضر والتقارير ومهارات الصياغة والترجمة وضبط المصطلحات ويستلزم وجود طاقم فني جيد وخبراء ومستشارين متخصصين.
. 4 الشق المرتبط بالمهارات التفاوضية على الطاولة وتتلخص في القدرات اللفظية والخطابية وجودة المرافعات والانتباه للخداع اللفظي. كما تتطلب الاطلاع الجيد على القضية والوثائق والمرجعيات.
. 5 الشق المرتبط بالمناقشات الجانبية الجماعية والفردية وهي المناقشات غير الرسمية والتي تتسرب فيها بعض المعلومات ويمكن التاثير فيها على بعض المواقف.
. 6 الشق الإعلامي ويشمل صناعة الجو والمناخ وتشكيل الصورة قبل وبعد وأثناء المفاوضات ولا يقصد به التصريحات فقط.
يضاف إلى هذه الأجزاء الستة، جزء سابع بالنسبة لرئيس الوفد المفاوض وهو المقدرة على السيطرة على هذه الأجزاء الستة أو الإشراف عليها وإدارتها مع الاحتفاظ بهدوء البال والعمل تحت الضغط المتواصل.
تجربة مراقبة التفاوض دفعتني للنظر الدقيق في أداء الوفد الحكومي ووفد الحركة الشعبية ويمكنني أن أمنح وفد الحكومة 5 من 7 ودعوني أركز على نقاط الخلل وليس القوة باعتبار أن النقاط الخمس لا يوجد أي غبار عليها.
يوجد خلل في النقطة الأولى إذ يميل الوفد الحكومي لإظهار جاهزيته وموضوعيته ومعقوليته فيقبل بالبرمجة حتى وإن كانت ليست في صالحه كما يلتزم بكلمته في الحضور والمواعيد بطريقة أخلاقية مثالية أكثر من اللازم وكأنما قد أثرت فيه الدعاية والزمته موقفاً دفاعيًا.
يوجد خلل في النقطة رقم ستة وإن كان هذا الخلل تحسن على مستوى الصحافة السودانية المحلية المصاحبة للوفد ولكن صورة السودان في الإعلام الخارجي ما زالت “مكفهرة” ومازالت مقدرة الجانب الحكومي عمومًا في توظيف العديد من النقاط لصالحه على مستوى الميديا الدولية متواضعة للغاية. وربما تكون المسألة هنا الكثير من خيوطها وقنواتها ليست جزءاً من عملية التفاوض ذاتها والمسؤولية فيها مسؤولية الدولة وليس الوفد وحده.
حقيقة البروف غندور … سياسي محنك ومفاوض جيد وهو رجل يتمتع بمقبولية عالية وقد تحسن الأداء التفاوضي به للدرجة التي يمكنني القول فيها بدون أي مجاملة بأنه تنطبق عليه النقطة السابعة تمامًا ولكن يجب مراجعة الخلل والقصور.
[/JUSTIFY]

نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني