جعفر عباس

دحض تخاريف العلماء


[JUSTIFY]
دحض تخاريف العلماء

يقول باحثون في جامعة بنسلفانيا ستيت الأمريكية إن مخ الرجل يتقلص بعد سن العشرين، وكلما ازداد عدد سنوات عمر الرجل، استفحل التقلص، وخاصة في الجزء الأمامي من الدماغ، فيصبح كلما تقدم في السن أقل قدرة على التركيز، ومتقلب المزاج بدرجة أنه قد يعجز عن إدراك المواقف المضحكة والطريفة، وعَلل الباحثون ذلك بأن الرجال أكثر ميلا لتنشيط واستخدام أجزاء أخرى من أدمغتهم، فيصبح الجزء الموجود خلف الجبهة خاملا تدريجيا.. ويمكن وقف التدهور وإعادة تفعيل هذا الجزء بالتمارين!! (يعني أضرب رأسي بالحائط؟).
طبعا هذا الكلام لا يهمني شخصيا، لأنني من حيث العمر «مفرمل» في أواخر الثلاثينات منذ الأربعينات، ولكن يهمني بوصفي منتميا الى الجنس المتهم بفقدان جانب من قواه العقلية بمرور الزمن، ولو مد الله في أيامي فسألتقي أولئك الباحثين، وأقول لهم: تكلموا عن أنفسكم، والرجال لم يعطوكم توكيلا لتتحدثوا بالنيابة عنهم، وحتى لو كان ما قلتموه صحيحا كان ينبغي ان يكون «كتامي بيننا وبينكم»، وليس بنشره في المجلات ومواقع الإنترنت حتى تطلع عليه النساء ويجدن فيه «مستندا» لاتهامنا بالخرف، واحتمالات لقائي بالباحثين البلهاء هؤلاء كبيرة، لأنني بكل حسن نية اخترت لولدي الجامعة التي يعملون بها، ورافقته في رحلته الأولى إليها، ولو كنت أعلم ان بها هذه النوعية من الأساتذة والباحثين لألحقته بجامعة الدول العربية ليكون «في السليم» طوال سنوات عمره لا يهش ولا ينش.
اعترفت من قبل بأن ذاكرتي صارت «مش ولا بد» بعد ان صارت تعاني ثقوبا متفاوتة الأحجام،.. وبسبب النسيان فإن زوجتي تعايرني بأن مخي «ضارب»، ولكنني وعندما أقارن حال مخي بحال مخ – مثلا- جورج دبليو بوش، الذي كان يوما ما رئيسا للولايات المتحدة، فإنني أحس بالغرور وبأنّ مخي «يوزن بلد» مثل أمريكا .. بل حتى مقارنة بأصغر عيالي أعتبر نفسي عبقريا.. أقول: يا لؤي جيب الموبايل بتاعي من السيارة فيخرج وقد لا يعود، ثم أكتشف انه دخل غرفته ليقرأ أو يلعب.. أين الموبايل يا ولد؟ آآآسف يا أبوي.. وين تركته.. وقد أكلفه بإحضار كوب ماء فيأتيني بموزة او قاموس.. وقد تصلني رسالة عبر الهاتف الجوال من بنتي: بابا أرجو الاتصال بي لو سمحت ظروفك بذلك، واتصل بها فورا فيأتيني الرد: خير بابا.. مش من عوايدك تتصل بي أثناء ساعات الدراسة أو العمل! ماذا تفعل إزاء موقف كهذا؟ تصيح: معليش أنا غلطان؟
فقدان القدرة على التركيز وباء عام في عالمنا المعاصر.. عطلنا مراكز الذاكرة في أمخاخنا بمنح الموبايلات والكمبيوترات توكيلات بأن تحفظ لنا الأسماء والأرقام ومواعيد الارتباطات.. ولكنني مقتنع (على مضض) بأن النساء أكثر قدرة من الرجال على التركيز، لأن مسؤولياتهن أكبر من مسؤوليات الرجال.. فالمرأة العاملة مثلا عليها ان تركز في أداء مهام وظيفتها وفوقها مهامها كزوجة وأم وأخت إلخ.. وحتى المرأة المتفرغة تماما لشؤون عائلتها عليها «التركيز» في كل شيء بما في ذلك أمور راتب زوجها وكيفية توزيع المخصصات وتنسيق الشؤون الاجتماعية والصحية (وبالتوازي مع كل ذلك، رصد تحركات وفعاليات الزيجات والطلاقات وحركة السوق وخاصة ما يتعلق بالتنزيلات).. للتأكد من قوة ذاكرة المرأة أسأل واحدة من العائلة: أكبر فلان أم فلان؟ في أي يوم سيكون عيد الفطر المقبل؟ بالنسبة لتاريخ مولد الفلانين سيكون الرد من نوع: الفرق بينهم يومين ونص تقريبا.. حمودي مولود صباح السبت من شهر كذا سنة كذا وعبودي مولود عصر الاثنين من نفس الشهر.. بعد وفاة حاجة فاطمة بستة شهور ويومين.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]