ساعة مع عمرو موسى
منذ ان غادرت الخرطوم ظهر الخميس الماضي كنت اعلم أنني سالتقي بالسيد عمرو موسى احد أكبر وأبرز الرموز المصرية السياسية والديبلوماسية في العصر الحديث ، فقد تسلمت برنامجا مبدئيا لزيارتنا الى الشقيقة مصر من المستشار الإعلامي بالسفارة المصرية بالسودان الاستاذ عبدالرحمن ناصف ، تسلمه بدوره من الهيئة العامة للاستعلامات المصرية التي قدمت لنا الدعوة ضمن مجموعة من الصحفيين والإعلاميين في دول حوض النيل ، وذلك – قطعا – للوقوف على وجهة النظر المصرية حول قضية مياه النيل واتفاقية تقسيم المياه والمشروعات المرتبطة بمياه النيل ، الى جانب عرض المشكلات والتحديات التي تعترض أشكال التعاون بين دول الحوض . برنامج الزيارة تضمن لقاءات مع عدد من متخذي القرار المصري ، وطلبت لقاءات خاصة مع بعض الشخصيات استجابت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ممثلة في رئيسها السفير صلاح الدين عبد الصادق احمد ، بالموافقة على ذلك الطلب ، ولي في الهيئة علاقات وصداقات قديمة ، خاصة تلك التي ربطت بيني وبين الكثيرين ممن عملوا في السودان في الملحقية الإعلامية بالسفارة المصرية بالخرطوم . الجمعة مساء كان موعدنا نحن ثمانية من صحفيي دول حوض النيل للقاء الاستاذ عمرو موسى الذي كان رئيساً للجنة الخمسين المصرية التي أشرفت على وضع وصياغة الدستور المصري بعد ادخال التعديلات التي اقترحتها لجنة العشرة ، وفيها تم تمثيل كل فئات الشعب المصري وطوائفه ومكوناته المجتمعية والثقافية ، هذا غير تاريخ الرجل الطويل في الديبلوماسية المصرية ثم توليه أمر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لعدة دورات ، فترشحه للرئاسة المصرية عقب ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك ، وقد حصل خلالها على مايقارب المليوني صوت لكن المنافسة كانت صعبة ومحتدمة بين مرشحين اثنين احدهما يمثل او يرمز لعهد مبارك وان كان يقدم الجانب المشرق والمضيئ من ذلك النظام ، وهو الفريق شفيق ، والثاني التف حوله مؤيدوه من جماعة الإخوان المسلمين وكل خصوم نظام الرئيس مبارك ، وقد تقاربت النتائج وقتها وكان فوز الرئيس المعزول محمد مرسي بفارق قليل في الأصوات مع منافسه الفريق شفيق .
حجم الأصوات التي ذهبت لمرشحي الجولة الأولى مثل الاستاذ عمرو موسى والمرشح الحالي للرئاسة حمدين صباحي وغيرهما كانت ستكون حاسمة اذا ما وجهت الى أي مرشح في الجولة الأولى . ومع كل ما وقع من أحداث انتهت بالإطاحة بالرئيس مرسي بعد تدخل الجيش ثم ما حدث بعد ذلك من اعتصامات واحتجاجات تحولت في بعض المواقع الى براكين من الدماء ، لم آر ان افتح دفتر الأحداث من جديد أمام الرجل الذي ترأس أخطر لجنة بعد الثورة هي التي وضعت دستور مصر الجديد والذي سبق ان أسميناه ( العبور الثاني ) فمصر الان تعيش وضعا جديدا وتنتظر عهدا جديدا بعد الانتخابات الرئاسية المنتظرة خلال أسابيع قليلة . تحدث الاستاذ عمرو موسى عن رؤية النخبة المصرية لمستقبل مصر وعن الواقع المنتظر وشكل العلاقات المصرية في عالمها ومحيطها العربي ، وضرورة عودتها الى قارتها الأم بعد ( الاغتراب ) الطويل عن افريقيا وقضاياها الحيوية قريبا من قضية مياه النيل وبعيدا عنها . ثم تحدث عن المتغيرات المتوقعة والمسؤوليات التي ستقع على عاتق الرئيس الجديد الذي يتنافس على مقعده اثنان فقطْ هما المشير عبدالفتاح السيسي ، والسيد حمدين صباحي لكن كل المؤشرات سواء كان ذلك وسط النخب او بين عامة الناس تؤكد على فوز المشير السيسي بفارق كبير من المرشح الثاني للرئاسة ، لذلك قلت لأخي وصديقي الدكتور علي عبده محمود من مكتب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية وهو حاصل على درجته العلمية الرفيعة في العلوم السياسية ، قلت له ونحن نهم بالخروج من منتجع جبل القطامية في ضواحي القاهرة حيث التقينا بالأستاذ عمرو موسى أنني الان استمعت جيدا لأفكار الرئيس المصري القادم وتوجهاته العامة للنهوض بمصر من خلال أفكار ومفاهيم وطرح احد اقرب مستشاريه ومعاونيه ، ولا احسب أنني خالفت الواقع المرتجى او جانبت الحقيقة .
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]