غلوتية وزيطة وزمبريطة وضنب ككو
وأنا أتأمل بعض ما عليه حال البلاد وأوضاعها التي تراوحت ما بين مؤلمة ومأزومة، ومن ضمنها ما عليه حال مهنة الصحافة التي هلّ علينا بالأمس يوم حريتها، عنّ لي أن أشارك صحافيي بلادي في يوم حريتهم التي ما تزال مقيدة ومنقوصة، وسيظل بعض عبق الحرية الذي تنسمته مؤخراً في عداد المنة والمنحة وعطية المزين التي يقدرها واهبها، وليست حقاً شرعياً ومشروعاً ما لم يطلق أسارها من القوانين المكبلة لها. عنّ لي بهذه المناسبة أن أحتفل بها بطريقتي بهاتين الحكايتين.. الحكاية الأولى كما يقول الراوي الناقل، هي أن الراوي الأصلي عندما كان يتابع عروضاً للسيرك لفت نظره مشهد جانبي مؤثر للغاية جعله يهتف (سبحان الله وما دايم إلا وجه الله)، وذلك عندما رأى لأول وهلة ما حسبه كلباً ليتضح له أنه أسد عندما دنا منه وتفحصه، لقد تقزم الأسد وتساقط شعره حتى بدا للرائي غير المدقق مثل الكلب أو قد يراه آخرون مثل الخروف، وكان هذا الأسد الهزيل الخجول يتمسح بجدران القفص ويشمشم في الأرض، يقول الراوي وبينما هو مذهول من هذا الحال الذي آل إليه الأسد ملك الغابة وصاحب الحول والطول، إذا بمشهد آخر يزيده ذهولاً على ذهول، وذلك عندما تقدم ناحية الأسد أحد المروضين وأخرج من جيب الجاكيت الذي كان يرتديه كيساً من الورق به سندوتش فول قسمه إلى نصفين، قدم للأسد أحدهما وبدأ هو في التهام الآخر، وكذا فعل الأسد الذي كان أيام عزه وسطوته يفطر بغزال كامل ويتغدى بحمار وحش ويتعشى ببضعة أرانب، فتدور عليه الدائرة ويخني عليه الذي أخنى على لبد، فيصبح نصف سندوتش فول وجبة دسمة يلتهمها بتلذذ وهو يتلمظ. والحكاية الأخرى تروى عن الشيخ القرضاوي عندما كان حبيساً في سجون مصر يعاني الأمرّين، قيل أنه قال كلمة تصلح للتذكير بها في هذا المقام، مقام أن ما تسومه الآخرين من بطش وأنت على قوة وسطوة سيحيق بك لا محالة عندما تدور عليك الدائرة وتنقلب عليك الدنيا الدوارة وتفقد السلطة (ضل الضحى)، قال القرضاوي بعد أن وجد عنتاً ومشقة حتى عندما يريد أن يقضي حاجته، ما معناه أنهم كانوا يناضلون من أجل حرية القول، ولكن عندما أدخلوهم السجون وعذبوهم نسوا حرية القول وصاروا يناضلون من أجل حرية البول. كل هذه دروس وعبر لمن يعتبر وهو في سدة الحكم صاحب شوكة وسطوة وصولة، ألا تسكره نشوة السلطة والسُلطان وتغريه القوة التي بين يديه بالغاً ما بلغت ومهما تطاول زمن بقائه على الحكم فإنها إلى زوال، ومن كان حاكماً اليوم سيصبح معارضاً في الغد، ولهذا عليه أن يراعي الحرمات ويرعى الحريات ويحترم الحقوق كافة، إن لم يكن من باب الحكم الراشد والرشيد، فليكن من باب تأمين حقه في المعارضة التي حتماً سينتقل إلى صفوفها يوماً ما، والحكمة تقول (لو دامت لغيرك لما آلت إليك).
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي