حمى “الواتساب”!
لم نتأقلم جيدا على الفيسبوك ونضبطه بحيث لا يزعجنا ويحشو إيميلنا بما يسوي ولا يسوي… وبحيث نتواصل به ونكتسب صداقات…. لم نفعل ذلك بالطريقة المرجوة والمفيدة ولم نتجه نحو تويتر “ملك الأخبار القصيرة” ونجري ذات العمليات الجراحية في ضبطه..!
لم نفعل ذلك إلا وهجم علينا الأخ الواتساب… وحتى نتفادى ضرره… كتمنا “زقزقته” وانسحبنا من كثير من المجموعات وتحكمنا في الصور والفيديوهات حتى نمسح الضار منها أولا بأول… ولكن قبل نهاية العام ستظهر صيحة جديدة… بعد الفيس وتويتر والواتساب!
أضف إلى هذا… الفايبر و الجات ون واللاين والتانغو و…
والمشكلة تكمن في أن كل هذه البرامج ضرورية لمن كانت الاتصالات جزءا من مهنته وحرفته و”أكل عيشه”… لأن بعض الدول تعمل ببرنامج وتحظر آخر… أو (تبطيء سرعته) بفعل فاعل أو لسبب فني… الله اعلم.
مشكلتي مع الواتساب حاليا أنه هنالك قروبات… تلهث… تنشغل عنها لتجد أن الرسائل المتراكمة أكثر من 70… ولو انسحبت من القروب خسرت مصدرا مهما للاخبار والتنبيهات… وكذلك لخسرت قناة للتواصل مع الأهل والزملاء والأحباب… ما العمل إذا؟! لا أدري… ما زلت أعبث بقائمة الضبط… أقمع التنبيهات وأمارس الرقابة القبلية والبعدية على مخزون الصور والفيديو… بصراحة لا أريد أن احشو الذاكرة بفيديوهات مفبركة عن السحرة وعن التلفيقات المذهبية بين السنة والشيعة وعن فضائح البنات في غرف النوم… هذا مجرد هراء… ومن يحبه ويتسقطه مثله مثل من يثقب دورات المياه والمراحيض لينظر إلى عورات الناس… مجرد لغو ومعاصٍ مجانية وعبثيات غير مفيدة.
النكات السياسية أو ما يسميها خبراء السياسة (المعارضة السلبية) أو (معارضة التنفيس)… مجرد نكات… بعضها وقح وبعضها ركيك وبعضها أنتجتها الحكومة نفسها… والجواب واضح من عنوانه.
لا بد لأي شخص يريد أن يعاقر الواتساب أن تكون له خطة للإطلاع والتواصل… وخطة للنشر والبث… بدون خطة سيكون الواتساب مجرد طريق مختصر للإصابة بالضغط والسكري والأمراض العصبية والذهانية.
في فترة قررت التواصل بالإنجليزية فالجوال لا توجد به أحرف عربية ولم اجتهد للحصول عليها… غرضي من التواصل بالإنجليزية كان تقليل التواصل والتخصص في جانب محدد منه حتى لا تكون مثل الدرويش الدائر في الحلقة مع المداح… نقزت الطارة ينقز و هدأت يهدأ… وغالبا لا تهدأ الطارة..!
الفكرة قوبلت بالامتعاض والاستهجان… وسوء الفهم… الجماهير تريد تعليقات شفاهية دارجية كسولة… لا تريد أوراق عمل من مركز اطلانطا عن المحكمة الجنائية وآخر التطورات على الجبهة الأفريقية..!
حتى المهتمين بهذه الأمور يريدون “نكات المساطيل” ولا يرغبون في أي شيء جاد..!
مكرها ومضطرا… زودت الهاتف بالأحرف العربية و دخلت في الطارة… لكن في طرفها الأقصى..!
ننقز حينا ونهدأ حينا آخر…!
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني