جمال علي حسن

“كورونا” الفساد.. حكومة تنتظر الصحافة


[JUSTIFY]
“كورونا” الفساد.. حكومة تنتظر الصحافة

المعلومات التي كشفت عنها صحيفة (الصيحة) عن امتلاك وكيل وزارة العدل لعدد من العقارات بصورة غير مشروعة معلومات محبطة جداً.. لأن المتهم فيها هو وكيل الوزارة (العليها الرك) وعليها الاعتماد في إحقاق الحقوق ومكافحة الفساد.. إنه وكيل الوزارة التي كنا نظن أن قياداتها هم آخر من سيطالبهم الرأي العام بإقرار الذمة وسيقدمونها كإجراء روتيني لأنه من المفترض والمتوقع أنهم الأبعد عن الشبهات..

ولو صدقت الاتهامات يكون الأمر فعلا ًمحبطاً جداً.. ويكون فيروس الفساد ووباؤه القاتل أخطر من وباء (كورونا) الذي تنتقل العدوى فيه بالأنفاس ولا علاج له .

مولانا عصام كما كان يتم تعريفه حين كان مديراً لأراضي الخرطوم قبل سنوات، التقيته مرة واحدة فقط لأجري معه حواراً لصحيفة (الحرة) حول قضايا ومخالفات الأراضي في ولاية الخرطوم وخرجت بانطباع أنه من الشخصيات الجيدة والنزيهة التي تستحق الاحترام والترفيع، وحين تم اختياره فيما بعد ليشغل منصب وكيل وزارة العدل كنت من المستبشرين بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب..!

أخطر ما في هذه القضايا أنها تؤكد أن مشروع الإزاحة والإزالة والإبعاد للمسؤولين يجب أن لا يكتمل قبل إجراء فحص كامل بالأشعة الرقابية تحت الحمراء لمن يتولون مهاما في الدولة الآن، حيث من المفترض وقبل أن يصدر الرئيس أي قرار جديد بتغيير مسؤول في الدولة أن يخضع هذا المسؤول لعملية كشف كامل لكل ما يملك، ولا تكفي إقرارات الذمة التي لم تكشف لنا شيئا حتى الآن، بل الصحافة هي التي تتولى الأمر والسؤال الكبير: هل معلومات الفساد التي تكشف عنها الصحافة معلومات غائبة حقا عن الأجهزة الأمنية والرسمية بالكامل..؟ وإذا كانت المعلومات فعلاً غائبة عنها فلماذا لا تتولى هذه الأجهزة بعد الآن، وبإمكانياتها الكبيرة، القيام بهذه المهام وتركز طاقاتها وخبراتها في كشف الفساد وتقديم الفاسدين للنيابة؟.

هل تقوم الصحافة السودانية بأمر خارق ومستحيل على الأجهزة الرسمية الأخرى..؟

إن المناخ الجديد من الحريات سيتيح للصحافة أن تنشط أكثر في كشف المستور، فلماذا لا تختصر الأجهزة الأمنية علينا المشوار الطويل وغير الدقيق وتشارك الصحافة في هذا العمل، ولديها القدرة والإمكانيات والسلطة التي تمكنها من القيام بهذا العمل على أكمل وجه بالاستفادة من المعلومات الكاملة التي تمتلكها حول المسؤولين؟..

الأجهزة الرسمية والأمنية يجب أن تكون لديها معلومات أكثر من تلك التي يمكن أن تتوفر للصحافة، وطالما أن النوايا صادقة فلماذا يكون هناك (مستور) أصلا؟ ومن الذي يستره حتى تقوم الصحافة بكشفه وإدانة الساتر والمستور معاً؟..

أفصحوا عن معلوماتكم حتى ولو كانت مجرد شبهات حول المسؤولين الذين لديهم مخالفات صغيرة أو كبيرة، فجهود كشف الفساد ستضع الصحافة في منافسة فنية مع الأجهزة الرقابية على مستوى الحصول على المعلومات، ولو تفوقت الصحافة على تلك الأجهزة فإن هذا سيعني أنها أجهزة ضعيفة وغير مؤهلة لأداء عملها في حين أن الحقيقة تقول غير ذلك، وتقول إن ما تكشف عنه الصحافة من معلومات في الغالب غير غائبة عن الكثير من الأجهزة..

لا زلت متأكدا أن الحكومة لو أرادت أن تكافح الفساد بين المسؤولين دون حصانة لأحد فستنجح.. فبعض أجهزتها تكاد تعرف حتى اسم القابلة أو الداية التي أخرجت المسؤول من بطن أمه، دعك من أملاكه الظاهر فيها والخفي، وشراكاته الخفية مع مسؤولين وموظفين يعملون معه، وعقاراته المستأجرة لمؤسسات تقع تحت مسؤوليته.. هناك أجهزة تعرف كل ذلك ولو قررت الحكومة أن تكشف فساد الجميع و(تدق الصفايح) فستنجح في إخراج بلاوي متلتلة.. أما مولانا عصام فهو القضية الأهم الآن وطبعا (لا تحلل) مرة أخرى..

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي