في تذكر الذراع الطويل
مرت علينا بالأمس العاشر من مايو الذكرى السادسة للعملية الانتحارية لحركة العدل والمساواة التي استهدفت فيها السلطة في عقر دارها، بهدف نقل المعركة مع السلطة الحاكمة إلى المركز بدلاً من دارفور والأطراف، وهي العملية التي أطلق عليها منفذوها مسمى (الذراع الطويل)، بينما عرفت إعلامياً باسم (غزوة أم درمان)، وشعبياً ب(كعة أم درمان). ففي اليوم العاشر من مايو من عام ثمانية وألفين الذي صادف نهار يوم سبت، دخلت قوات الحركة التي يقدر عددها بنحو أربعة آلاف مدينة أم درمان من مدخلها الغربي محمولة على أكثر من ثلاثمائة عربة لاندكروز المعروفة محلياً باسم (التاتشر) بعد أن قطعت مسافة تربو على الألف كيلو متر من نقطة تحركها من داخل الأراضي التشادية عبرت خلالها فيافي وصياصي صحراوية جرداء قاحلة ومكشوفة وإلى مشارف أم درمان، وما تجدر الإشارة إليه هنا أن جل- إن لم يكن كل- قيادات هذه الحركة قبل أن ينشقوا ويتذمروا ويتمردوا كانوا من منسوبي الحركة الإسلامية وحكومتها الإنقاذية، بل إن بعضهم كانوا من القيادات فيهما وفيهم من كانوا على رأس الدبابين والمجاهدين الذين خاضوا حروباً ضروسة في الجنوب من أبرزهم قائد الحركة خليل إبراهيم الذي قتل لاحقاً بضربة صاروخية موجهة بدقة بمنطقة بنواحي كردفان، وتلك قصة أخرى لا يشابهها في غموضها إلا غموض التهمة التي لم تنفك توجه للحركة بأنها الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي، ولكن رغم أن هذه المغامرة من حركة العدل قد تم إحباطها دون خسائر كبيرة الا أن التعامل معها ظل على الدوام محل جدل وتلك أيضاً قصة أخرى ليس هذا مجالها، اذ ليس من أغراضنا هنا التوثيق الدقيق للحدث، بقدر ما أنها التفاتة عابرة لحدث لا يمكن تجاوزه في يوم ذكراه. المهم الآن وبعد مرور ستة أعوام على غزوة أم درمان، أن مياهاً كثيرة جرت تحت جسر الحركة، فلم تعد العدل والمساواة اليوم هي ذات الحركة التي غامرت بعملية الذراع الطويل، ولم يعد المؤتمر الشعبي هو ذات الحزب المتهم بأنه من صنع هذه الحركة، بل لم يعد شيخ الترابي منذ ما قبل خطاب الوثبة بقليل، هو ذاته شيخ الترابي الذي ترددت همهمات سابقة تتهمه بالعلم بالعملية (الذراع الطويل) قبل وقوعها، ويستدلون على ذلك بحديث تمويهي له بولاية الجزيرة استبق العملية بيومين، كما نظن- وبعض الظن إثم- أن الحكومة نفسها لم تعد هي الحكومة أوانذاك، ولا ندري إلى أين يمكن أن ترسو بالبلاد والعباد هذه التبدلات، هل ترى سيصنع نهضتها العقلاء جداً بعد أن فشل المغامرون جداً، مصداقاً للمقولة الفلسفية (لا يصنع النهضة إلا المغامرون جداً أو العقلاء جداً).
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي