جمال علي حسن

القاتل المحمول


[JUSTIFY]
القاتل المحمول

ابتلعت عدسات أعيننا أمس خبراً صغيراً وضعته الكثير من الصحف العربية والعالمية في زاوية من زوايا المنوعات والأخبار الغريبة، لكننا- أي معظمنا – مررنا عليه دون أن نتوقف عنده كثيراً لأننا (مدمنون)..!
نعم كلنا مدمنون لهذه القطعة الإلكترونية التي تسمى (موبايل)..
عنوان الخبر أن شركة (سامسونج) العملاقة بكوريا الجنوبية تقدمت باعتذارها يوم الأربعاء 14 مايو للعمال الذين أصيبوا بسرطانات ولأهالي العمال الذين توفوا بسبب الإصابة بأمراض (حماكم الله) لا يرجى شفاؤها جراء العمل في مصانع الرقائق الإلكترونية بالشركة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “سامسونج” للصناعات الإلكترونية، كون أوهيون: (أصيب بعض عمالنا بسرطان الدم وبأمراض مستعصية أخرى أدت في بعض الحالات للوفاة).
ووعدت شركة “سامسونج” لإنتاج رقائق الذاكرة والهواتف المحمولة، بتقديم تعويضات مالية للمرضى وأهاليهم المتوفين في اعتراف عملي وخطير بتسبب تلك (البلاوي) الإلكترونية التي لا تفارق أيدينا في الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات القاتلة..
الكثيرون لن يكملوا قراءة هذا العمود القصير، لأنهم يريدون الهرب من الحقيقة.. فالموبايل والأجهزة الإلكترونية المحمولة بلغ ارتباط الناس بها في العالم درجة جعلت أحد المهووسين من الشباب الأمريكيين قبل أيام يعلن زواجه من جهازه المحمول.. ولا أدري كيف سيتم التزاوج حتى يحلم هذا الشاب في يوم من الأيام بأن يصبح جهازه “المحمول” بتعبيرنا “حاملا” مثلا ًوفي انتظار المولود..! كي يرزقهما الله بـ”موبايل بيبي” صغير يملأ عليهما الدنيا..!!
أجهزة المحمول بعد أن تجاوزت مهمتها القديمة كأجهزة اتصال تلفوني لتتحول إلى قطعة صغيرة سحرية تلبي لك كل احتياجاتك بشكل سريع.. صار من الصعب علينا أن نتقبل الاستماع أو قراءة أخبار تحذيرية من مخاطر هذه الأجهزة.
نحن وفي هذه الجمعة الجامعة المباركة نكتب ملتمسين من الآباء والأمهات والشباب والشابات أن يقتصدوا قدر ما أمكن ذلك في علاقاتهم مع هذه (البلاوي) المحمولة.. التي لو اعتذرت الشركات المصنعة لها لعمالها عن تسبب رقائقها الإلكترونية في موتهم وإصابتهم بالسرطان، فلن يعتذر أحد لأطفالنا الذين نترك هذه الأجهزة بين أيديهم، ثم نعود ونسأل أنفسنا في حيرة وجهل وسذاجة: لماذا تتزايد نسب الإصابة بهذه الأمراض سيئة الذكر والسيرة، وتنتشر في بلادنا والعالم أكثر من أي وقت مضى؟.. حمانا الله وإياكم من كل شر.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي