جمال علي حسن

حتى لا يسقط قرار المركزي صريعاً


[JUSTIFY]
حتى لا يسقط قرار المركزي صريعاً

في الشكل العام لقرار بنك السودان بحظر تمويل المصارف للعقارات والسيارات هو قرار إيجابي بكونه يحاصر أموال البنوك لتصب في مجرى الإنتاج.. هو إيجابي ولكن مع وافر الخوف عندي من أن يتحول القرار إلى لعنة جديدة على الحكومة لو اتضح لاحقاً أن هناك من سيستفيدون حصرياً من تمويلات المصارف للمشروعات الإنتاجية بحكم الشروط والضمانات الخاصة بتمويل تلك المشروعات.. أو أن بعضهم كانوا قد جهزوا أوراقهم ورتبوا حالهم لتلقي تمويلات المصارف لتنحصر في عدد محدود من الأسماء المكررة والمعروفة في (نادي التجار) والسماسرة ومعتادي التحليق حول مباني المصارف.
والخوف عندي أيضاً أن لا يتمكن بنك السودان من الصبر والتمسك بقراره حتى يصل به إلى مرحلة خلق التوازن الاقتصادي المطلوب، فالحملة الشرسة من تجار السيارات تستخدم لغة عاطفية وإنسانية جداً بأن القرار سيتسبب في تشريد أعداد كبيرة من العاملين في هذا المجال، ولا أفهم كم من الناس سيتضررون بتوقف تمويلات البنوك للسيارات والعقارات وكم من الناس سيحصلون على فرص عمل بتحريك عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي؟.. وهل تتم مراعاة مصالح فئة صغيرة على حساب مصالح بلد بحاله..؟
ليست هناك مقارنة؛ فإقامة مشروعات الإنتاج توفر فرصاً كبيرة وكثيرة لأعداد أكبر من الناس للعمل..
كما أن مشروعات الإنتاج تبعث ببارقة الأمل لأعداد كبيرة من الخريجين والعطالى الذين يعيشون حالة من الإحباط والاكتئاب .
القرار صحيح ولكن ربنا (يصبركم عليه) فالكثير من القرارات التي تتقاطع مع مصالح بعض السماسرة والوسطاء والطفيليين في بلادنا يتم ضربها بكل الوسائل حتى تتهاوى وتسقط على حلبة السوق.. وكل القرارات الإنتاجية في السودان تواجه بحملات شرسة ضدها حتى تموت .
ليس بالضرورة أن تقود شركات خاصة أو أفراد تلك الحرب القائمة والمتوقعة ضد القرار، بل هناك أطراف ومؤسسات ومحليات ومسؤولون صغار وكبار ينتظرون من ينصب خيمته في مواقع الإنتاج ليهجموا عليه بكتائب من موظفي الجبايات وناس (أمسح الشنب).
القرار يضر بمصالح الكثيرين، لكنه ينفع الجميع لأنه يركز الأموال في مجالات الإنتاج..
وحتى يتم تفادي معظم هذه المشكلات فإن على الدولة الانتباه الى أن تحريك عجلة الإنتاج هو من صميم مهام الدولة، وبالتالي وطالما أن مشروعات الإنتاج في المجالات المستهدفة وسيتم توجيه أموال المصارف لمواطنين وشركات خاصة للقيام بهذا الدور بدلا عن الدولة فإن المطلوب من الحكومة توفير كافة التسهيلات لكل من ينوي العمل في مجالات الإنتاج.. المطلوب رعاية كاملة من الدولة وضمانات كبيرة منها لحماية المنتجين وتحفيز كبير لهم على العمل.. المطلوب منها تغيير انطباع وفهم سائد بأن أي مشروع زراعي أو إنتاجي أو صناعي في السودان مصيره الفشل .
المطلوب من الدولة أن تعي دورها في استعادة اهتمام الناس بمجالات الإنتاج ومحاربة ثقافة السمسرة والفهلوة والحصول على الأموال بأسهل الطرق.. مطلوب توعية المجتمع بخطورة استيراد السودانيين في الآونة الأخيرة للثقافة الاستهلاكية المتخمة القاتلة والكسولة والمدمرة ثقافة تحقيق أعلى المكاسب بأقل جهد ..
رعاية الدولة لهذا الملف بصورة أكبر هي التحدي الأبرز أمام هذه الأفكار الجيدة حتى تؤتي أكلها.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي