عبد الجليل سليمان

اقرأها وتقنطر


[JUSTIFY]
اقرأها وتقنطر

قال الصادق المهدي في مؤتمر صحفي عقب استجوابه بخصوص البلاغ الذي دونه في حقه جهاز الأمن والمخابرات بسبب تصريحاته الأخيرة حول قوات الدعم السريع.. قال إن جهاز الأمن (قنطر لنا نفسه)، لنقاضيه ونطالب بتفعيل المادة (41) من الدستور التي تحصر نشاطه في جمع المعلومات وتحليلها فقط. وعبارة (قنطر لنا نفسه)، تمثل بالنسبة لي استعارة رائعة جائتني تجرجر أذيالها فوفرت لي جهد (التدريب، اللياقة و(التسخينة) و جعلتني (أشوت) كل (ما قُنطِر لي) وما (تنقطر) تلقاء نفسه، في (حلق المرمى).

ومما (تقنطر) هذه الأيام، قضيتا الإمام الصادق المهدي والطبيبة مريم، وقبلهما اعتقال الزميل د. ياسر محجوب رئيس تحرير (الصيحة)، بطريقة درامية ومُتعسفة، فبدت هذه الأمور وأمور أخرى كمحاولات للتعمية على سيرة الفساد التي انفتح ثقب صغير في جدارها السميك، كما بدت أيضاً وكأنها محاولات استباقية لوأد (هامش) الحُرّية الذي أُتيح للصحافة والأحزاب السياسية في حالتي (ياسر والصادق المهدي).

تلك القضايا سالفة الإشارة، فشلت حتى الآن في صرف أنظار المواطنين عن قضاياهم الحقيقية الأساسية (الحُريات، الحوار، الفساد، الأزمة الاقتصادية، الديمقراطية، الحقوق المدنية وخلافها)، بل (وقنطرتها) للجميع بأكثر مما اعتقدت السلطات.

الآن، لا سبيل للحكومة وبعد أن صعدت (القنطرة)، من النزول إلى سفحها السابق، فإما المُضي قُدماً في الحوار ومحاربة الفساد، وإشاعة الحُرِّيات، وتفكيك التمكين، وإصلاح الخدمة المدنية والتعليم، وتأهيل المشروعات الإنتاجية الكبرى.. أو السقوط (من أعلى القنطرة) و(دق الدلجة).

لذلك فإن العودة إلى اعتماد أسلوب (صرف الأنظار وغض الأبصار)، سيكون مكلفاً هذه المرّة كما كان في المرات السابقة، وعلى المؤتمر الوطني كحزب سياسي (وحكومة) قائمة، أن يتخلى عنه ويبحث عن أساليب عملية أكثر نجاعة وفاعلية في تطبيق أطروحاته الراهنة، لأن العودة إلى إطلاق قنابل الدخان وبالونات الاختبار تعتبر ردة سياسية تستوجب (الحد)، خاصة في ظل سيولة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وفي ظل مجاهرة المواطنين برغبتهم في أن تمضي الحكومة قدماً نحو ما طرحته من إصلاح.. ها نحن نقدم نموذجاً حياً في نافذتنا أسفل هذه الزاوية والموسومة بحديث الصورة، فشاهدها (وتقنطر).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي