عبد اللطيف البوني

بطاقة ملونة مجانية


[JUSTIFY]
بطاقة ملونة مجانية

احبابنا اهل الهوى في كرة القدم لديهم قدرة فائقة على التقاط التعابير المستحدثة في لغة النقد الرياضي وتوطينها في السودان وبسرعة من الزمن لتجري في الازقة والحارات ولا شيء يمنعنا من استلاف بعضها لاستخدامه في السياسة فالحكاية كلها لعب في لعب فإن كان بعضه لعب على الارجل فالآخر لعب على الدقون.
يستخدم اهل الرياضة تعبير بطاقة مجانية عندما يرتكب اللاعب خطأ ساذجا لم يكن هناك داع له فيخرج له الحكم البطاقة الصفراء ليكون بعدها معرضا للطرد وبالتالي الايقاف لمباراة في حالة انه استحق بطاقة اخرى في ذات المباراة اما في حالة تلقيه لبطاقة اخرى في مباراة قادمة في نفس المنافسة فانه سوف يوقف لمباراة واحدة وبهذا يكون قد حرم فريقه من خدماته لا بل احيانا يرتكب اللاعب حماقة كبرى لم يكن هناك داع لها فيتلقى بطاقة حمراء من اول فيطرد ويوقف فهذه بطاقة حمراء مجانية.
في الايام القليلة الماضية تلقت بلادنا الكثير من البطاقات المجانية التي شالت حسها بين الامم ولم يكن هناك داع لها فكانت بمثابة هدية من حكومة السودان لخصومها مثال لذلك قصة الطبيبة او الفحيصة (فنية مختبرات) التي وصفت بانها قد ارتدت عن دين الاسلام وبالتالي حكم عليها بالاعدام مع تأجيل التنفيذ للاستئناف من ناحية اجرائية والي ان تضع حملها وترضع طفلها القادم لمدة عامين ونصف. من ناحية موضوعية المعلوم أن حكم الردة يكتنفه الكثير من الخلاف ففرق البعض بين الردة المقاتلة والردة غير المقاتلة وهناك الشبهات كإنكار المتهمة لكونها اصلا مسلمة لا بل من داخل الفقه الاسلامي التقليدي هناك ابوحنيفة الذي يرى عدم اقامة حد الردة في حالة الانثى ومع كل هذا مضت المحاكمة الى أن وصلت مرحلة النطق بالحكم وهو اقامة الحد فقامت الدنيا على بلادنا وكأنها ناقصة .
الاهم من كل الذي تقدم انه وكما هو معلوم أن المادة 58 من قانون الاجراءات الجنائية لعام 1991 تعطي النائب العام هنا حق التدخل بوقف الاجراءات في اي قضية وفي اي مرحلة من مراحل التقاضي. والمعلوم ايضا أن النائب العام قد استخدم هذه المادة بكثافة وفي كثير من القضايا التي سبقت قضية الفحيصة المسلمة التي ارتدت ابرار الهادي ابراهيم وان شئت قل الطبيبة مريم ابراهيم المسيحية التي اتهمت بأنها كانت مسلمة فالسؤال هنا لماذا وقف النائب متفرجا على هذه القضية متعددة الابعاد؟ .
إن المشرع عندما اعطى النائب العام حق التدخل في سير القضايا كان يقصد حماية مصالح البلاد العليا. و”مصالح البلاد” عبارة مطاطة تشمل المصالح الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ثم من موجبات وجود تلك المادة انه احيانا قد تبدو هناك وسيلة اخرى لتحقيق العدالة وجبر الضرر خير المحكمة المعتادة كالتحكيم مثلا ففي حالة ابرار او مريم كانت هناك الف طريقة غير القضاء للنظر للمشكلة وكان في مقدور النائب العام أن يمارس السلطة التي خولها له القانون ويحيل الامر الى وضع يحفظ البلاد وسمعة العباد الذين على رأسهم اسرة ابرار الكبيرة واسرة مريم الصغيرة وكان يمكن تخرج لنا سابقة قانونية سياسية فقهية يحتذيها كل عالم الاسلام المعاصر بدلا من هذه البطاقة الملونة المجانية التي نالتها بلادنا فأصبحت معرضة للطرد ثم الايقاف دا كله كوم والبطاقة الحمراء المجانية كوم آخر وانا ما بفسر وانت ما تقصر.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]