موسى هلال وفاولينو ماتيب.. قف تأمل!
على الصفحة الأولى بهذه الصحيفة “التغيير”، قرأت قبل يومين خبراً اختصت به وحدها، حمل عنواناً يقرأ (موسى هلال يقود قوات للقبائل لتأمين محليات بشمال دارفور)، وعقب مطالعتي للخبر كان أول ما فعلته هو أن سألت عن هوية قوات هلال هذه وما إذا كانت تتبع أيضاً لجهاز الأمن على غرار قوات الدعم السريع أو القوات المسلحة أو أي قوة نظامية أخرى حتى لو كانت الدفاع المدني، وذلك عملاً بفقه التقية حتى لا أقع في الذي وقع فيه الصادق المهدي وأودعه سجن كوبر، ولم تشفع له لا مواقفه السلمية ولا حماسه للحوار الوطني ولا مشاركة ابنه في أعلى مراقي السلطة، ولا كونه رئيس وزراء سابق لغير ما مرة، ولا رئاسته لثالث أكبر ثلاثة أحزاب جماهيرية، ولا زعامته لطائفة الأنصار وما أدراك ما الأنصار، بل ولا حتى سنه المتقدم، فما بالك بمسكين مثلي لا حزب له ولا تنظيم ولو من جنس تلك التنظيمات التي لا يتعدى عدد عضويتها حمولة (ركشتين وأمجاد)، ولا جاه له ولا مال عنده وحتى أهله وعشيرته (جلابة ساكت وعاملين فيها وطنيين ومثقفاتية ضد القبلية والعنصرية).. قيل لي قوات هلال لا علاقة لها بأي مؤسسة نظامية أو شبه نظامية وإنما هي قوات أهلية قبائلية خاصة، وإن كانت تتبع لجهة فلن تكون تلك الجهة سوى (مجلس الصحوة الثوري) الذي أسسه هلال خارج قانون ولوائح مجلس الأحزاب ودون الحصول على تصديق منه (مسكين الحزب الجمهوري)، ربما تأسياً بتلك المجالس الطائفية القبائلية المنتشرة بالعراق المأزوم.. قلت إذن سأمدد رجلي على طريقة أبوحنيفة النعمان فأقول ما أشبه ليلة موسى هلال ببارحة فاولينو ماتيب هل تذكرونه. لا عليكم سأتحفكم بطيف من ذكرى ذاك القائد العسكري القبائلي الجنوبي، ولكم بعدها أن تقارنوا بين سيرة الرجلين بعد المضاهاة أو كما يقول باعة ود عماري (سف وقارن)، أراح الله متعاطيه منه وعافاهم من أمراضه الوبيلة، كان الجنرال فاولينو ماتيب يستوطن ضاحية الكلاكلة القبة وجعل من إحدى نواحيها مستوطنة وثكنة عسكرية خاصة به وبجنوده، وكانت الحكومة قد اشترت له منزلاً بتلك الناحية وأحسنت إعداده وتأثيثه وأهدته له للإقامة فيه، والمنزل مكون من طابقين ومطلي باللون الكبدي، وكان فاولينو عند مغيب شمس كل يوم ينشر جنوده ويبسط سيطرته على المنطقة ويحتل طرقها بوضع الحواجز ولا يسمح لكائن من كان بالمرور إلا بعد التأكد من هويته، ليس ذلك فحسب بل نصب الرجل نفسه حاكماً عسكرياً وقاضياً في ذات الوقت، حيث أنشأ عدداً من المحاكم الشعبية وعهد إدارتها لسلاطين تابعين له يمارسون كل سلطات وصلاحيات القضاء التي تخصهم، يتهمون هذا ويبرئون ذاك ويدينون من يريدون بقانونهم الخاص، لدرجة أثارت الرعب وصارت هاجساً ومهدداً أمنياً قبل أن تضطر وزارة الداخلية لإيقافها، ولم يكن فاولينو ليحصل على كل هذه الامتيازات والاستثناءات التي بلغت مستوى أن تنعم الحكومة عليه برتبة اللواء، لولا أنه كان يقف إلى صفها مقاتلاً الحركة الشعبية قبل نيفاشا التي عاد بعدها إلى صف الحركة، وتقلد بعد الانفصال منصب نائب القائد العام إلى حين وفاته متأثراً بالمرض قبل نحو عامين.. فهل ترانا بعد ذلك مخطئين إذا قلنا ما أشبه ليلة هلال ببارحة ماتيب؟.
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي