إلى النائمين على آذانهم!
-1-
قضية أخرى لمرتدٍّ عن الإسلام بمحكمة الكلاكلة. لم تنتهِ قضية مريم أو أبرار بعد، وربما تأتي الأيام القادمة بمزيد من المحاكمات لمرتدِّين عن الإسلام!.
قبل أكثر من عام أطلقتها في هذا العمود، للتنبيه للموجة القادمة!.
كان العنوان صادماً:
(عووووك إلى النائمين على آذانهم).
الظرف والحال مناسبان، لإعادة هذه الصرخة مرة أخرى:
-2-
للحصول على الإجابة الصحيحة، يجب قبل ذلك طرح السؤال الصحيح.
لماذا قررت مجموعة من الشباب السوداني ترك الدين الإسلامي والانتقال للمسيحية، لا في دور المؤمنين بها فقط، ولكن كمبشرين يسعون لاستقطاب آخرين من أبناء دينهم السابق؟!.
الصحف هذه الأيام، لا تغيب عن صفحاتها أخبار عن التنصير في الخرطوم!.
وتحقيقاتها تكشف بالصور والأسماء، شبكات المنصرين، وهي تنشط في الأماكن العامة وعلى الطرقات.
تبرز أسماء مثل تاج الدين بالولاية الشمالية، الذي تحول إلى القسيس وجدي إسكندر، وعبد الرحمن أحمد من دنقلا الذي غيَّر اسمه إلى اسم مسيحي، وفتاة خرطومية منقبة من أسرة متدينة انتقلت للمسيحية، ثم عادت إلى الإسلام في قصة غريبة ومريبة، اختلطت فيها السياسة بالسحر بالعقائد.
المخابرات السودانية تقول إنها وضعت يدها على شبكة تنصيرية، تنطلق من أحد فنادق الخرطوم الفاخرة.
منذ سنوات، أصبحت إسرائيل بكل ممارساتها القمعية، وصورتها الوحشية المرسومة في وجداننا منذ صبرا وشاتيلا؛ أصبحت ملاذاً لعدد من الشباب السودانيين.
-3-
السؤال الذي من الضروري عدم التهرب منه، وتوفير إجابة مقنعة له: هل فقد هؤلاء الشباب قناعتهم بالدين الإسلامي ورمزياته، فسارعوا في البحث عن دين آخر، أم أن المنصرين بعد سنين وحقب، وجدوا مداخل لبعض الشباب المسلم، فقدموا المسيحية بصورة جاذبة، أغرتهم لتغيير دينهم؟!.
نقلت الصحف اعترافات نادرة، للدكتور عصام أحمد البشير، حينما قال إن الشباب في السودان يعيشون حالة من الفراغ، وإنهم يفتقدون للقدوة، بسبب أن الخطاب الديني ليس جاذباً.
ما قاله عصام البشير، هو أول خطوة في اكتشاف الطريق الصحيح.
من السهولة الهروب من أخطائنا وتقصيرنا، إلى اتهام الآخر بالتآمر علينا، ومحاولة الاحتماء بمحفوظات لم يعد لها رواج في عالم اليوم.
(نحن ضحايا أنفسنا، والآخرون مجرد حجة).
بثينة العيسى
كاتبة كويتية
-4-
قضيتا التنصير والهجرة إلى إسرائيل، سنقع في خطأ فادح إذا اعتبرناهما ملفات أمنية، توكل معالجتها لأجهزة المخابرات والأمن، واكتفى العلماء والخطباء بمحفوظاتهم القديمة، والبكاء على اللبن المسكوب، وحصب العالم الآخر بالاتهامات.
بكل تأكيد، لا يقوم العلاج على تشديد الإجراءات الاحترازية، وفرض رقابة مشددة على الشباب.
ليس بالامكان إغلاق الفضاءات المفتوحة، ولا حبس الشباب في غرف معقمة، ويستحيل تنظيم رحلة إلى غار حراء للاحتماء بالتاريخ!.
في أزمنة الاقتتال على السلطة والثروة، وانكسار الأحلام الكبيرة، واحتراق الرموز وتبخر الأشواق، وسقوط كثير من المسلمات؛ ضعفت ممسكات البناء ووهن حزم (الصواميل)، وأصبح كل شيء قابلاً للانتقال من مكان لآخر، بل للتحول إلى النقيض!.
إنها أيام التحولات الكبرى. لم يعد السودان مليون ميل مربع، وانتقل هيثم مصطفى من الهلال إلى المريخ، ووقَّع حزب شيخ حسن الترابي على وثيقة تمهد لفصل الدين عن الدولة، وأصبح الذين كانوا يمثلون خط الدفاع عن الحكومة أكبر خطر عليها، والآباء يحذرون أبناءهم من المعلمين، وجرائم الأسرة في ازدياد، وأصبح بعض القوم يمارسون انتهازية الانتقاء من الآيات والأحاديث، وفق مقتضى المصلحة وتحقيق النفع!.
لا يوجد ظرف أفضل من هذا للاستقطاب والاصطياد، وتحويل الولاءات، وخروج جرجس وإخوانه إلى طرقات الخرطوم للدعوة للمسيحية، بجوار الجامع الكبير، وبالقرب من ضريح الشيخ أبو جنزير!.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني