عبد الجليل سليمان

قبر سرور وموت الماء


[JUSTIFY]
قبر سرور وموت الماء

أعلى يسار عدد أمس، علقت يوميتنا هذي (فيتشر) رائع للزميل (عثمان الأسباط) عن قبر الفنان الراحل (محمد أحمد سرور) المدفون بمقبرة الشيخ الأمين بالعاصمة الإريترية أسمرا، ويُعد (سرور) أحد رموز الأغنية السودانية وروادها الأفذاذ، وسيرته في هذا الصدد مبذولة لمن يريد الاستزادة منها. ثمة ملاحظة ذكية نبهني إليها أحد القراء (الصادق عيسي)، حيث هاتفني قائلاً، شايفكم اليومين ديل مقبلين على المقابر، وكأنكم (قنعتوا) من الحياة، الأسبوع الفات زولكم (محمد عبد الباقي) كاتب حلقتين عن مقابر رؤساء السودان، وهسي زولكم (عثمان) تكبد مشاق الرحلة من الخرطوم لأسمرا وجانا بقبر (سرور)، تصور أنا البكلمك دا كنت متصور أنو سرور دا مدفون في (أحمد شرفي). واصل (الصادق): دا ما المهم، ملاحظتي أنو قبر المرحوم سرور مبني بالرخام وعاملين ليهو شاهد جميل، والمقبرة الأسمراوية خضراء يانعة، تصور يا أستاذ لمن قارنت (القبر الجميل) دا، بقبورنا في البلد دي، دموعي نزلت، يا خي قبور رؤساء ومشاهير ومبدعين، حتى الناس العاديين، ما ممكن تكون بالصورة البشعة دي، نهيل عليها كوم تراب ونضع عليها شاهد من صفيح (مُصدي)، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يا خي مش نحن المسلمين أولى بإكرام موتانا، قالها بصوت متهدج، ثم أردف: تصور يا أستاذ لمن شفت قبر سرور، وقارنتو بقبورنا اتمني أموت في أسمرا، ويدفنوني في مقابر الشيخ الأمين. انتهت المكالمة، التي قطعت على حزني ورثائي وأنا أقرأ على صدر الزميلة (المستقلة) خبراً مصحوباً بصورة معبرة عن عطش مواطني الكلاكلة في ولاية (ما بين النهرين العظيمين)، فزاد حزني على هذا الشعب الصبور (في الحياة و في الممات).
كتبنا حتى كاد مدادنا ينضب عن أزمة الماء، وعن أن هيئة مياه ولاية الخرطوم عاجزة حد الشلل في جعل الماء الوفير ينساب في أنابيبها ويتدفق من صنابير (الناس)، وسألنا فيم تنفق الهيئة (ربطها) الكهربائي الشهري الذي تنزعه بالتواطؤ مع نظيرتها (الكهرباء) كل شهر، بينما لا تقدم لزبائها نظيره (قطرة)، وان قدمتها فعلى طريقة (ويشرب غيرنا كدراً وطينا). ليس مواطنو الكلاكلة وحدهم، فمعظم أحياء العاصمة تعيش ظمأً أبدياً، ولم نسمع حتى الآن أن حكومة (الخضر) بصدد إصلاح إداري كبير في هذه الهيئة منتهية الصلاحية، ولا برلمان الولاية يستدعي مديرها ليسائله عن ما تتسبب فيه مؤسسته من عذاب للمواطنين.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي