زهير السراج

يا جميلة ومستحيلة

[ALIGN=CENTER]يا جميلة ومستحيلة !! [/ALIGN] * لا أدرى سببا لاجتزاء احتفال التخريج بجامعة الخرطوم وتقسيمه بين الكليات لتحتفل به كل واحدة على حدة، بدلا عن الاحتفال الذى يجمع كل الكليات وكل الطلاب وكل الاساتذة وكل العاملين بكل مراسيمه وتقاليده المعروفة، كما كان يحدث فى الماضى القريب، الا اذا نسيت الجامعة ان الهدف من الاحتفال ليس فقط الاحتفاء بالطلاب المتخرجين، وانما تعزيز وترسيخ واعلاء قيمة العلم والعمل الاكاديمى اللذين يستحقا اقامة احتفال لائق بهما يجمع كل الكليات والاساتذة والطلاب والاسر والضيوف ويعكس اهتمام الجامعة واحتفائها بكل خريجيها بدون تمييز او تجزئة بين الكليات والطلاب، فى جو أسرى جامعى يضم كل الجامعة وضيوفها ويجتذب اهتمام الرأى العام امعانا فى ترسيخ احترام العلم والعمل الاكاديمى بدلا عن احتفال كل كلية بعيدا عن بقية كليات الجامعة بدون أن يحظى الاحتفال بالاهتمام المطلوب !!
* بالاضافة الى ذلك، فان الاحتفال الموحد يعطى قيمة اضافية للعمل الاكاديمى للجامعة باعتباره جزءا لا يتجزأ من هذا العمل، بل هو قمة هذا العمل وعصارته التى يحلم بتذوقها كل من يحظى بدخول الجامعة ويظل يعمل طيلة سنى دراسته من أجلها، مما يحتم ان يكون الاحتفال والاحتفاء بها بشكل لائق، وهو ما درجت عليه كل المؤسسات الاكاديمية فى العالم، وكانت جامعة الخرطوم احداها حتى وقت قريب، ولكن يبدو ان الجامعة نسيت اساسيات واهداف وأهمية هذا العمل الاكاديمى المهم ( احتفال التخريج )، مثلما نسيت أشياء كثيرة أخرى كانت تعطى لجامعة الخرطوم قيمة اكاديمية رفيعة بين مثيلاتها فى الداخل والخارج، واعتقدت ان الهدف الوحيد من الاحتفال هو توزيع الدرجات ( الشهادات ) فهبطت به من مستواه المميز الى أدنى مستوى ممكن، فلم تعد له قيمة تذكر، لا أكاديمية ولا معنوية ولا حتى احتفالية !!
* ومن المؤسف ان تغيب بعض الاشياء المهمة عن ذهن الجامعة حتى وهى تحتفل بخريجيها بهذه الطريقة الباهتة التى جردت الاحتفال من كل قيمة له، فلقد اختارت( النهار) بدلا عن ( المساء ) موعدا لاحتفالات الكليات وكأنها تعطى النموذج السئ فى الاستهانة بالعمل وقيمته وأهمية الالتزام به، وتدعو الى التسيب فى كل مرافق الدولة التى شملتها الدعوة لحضور الاحتفالات التى أقيمت على مدى أسبوع كامل، وفوق ذلك فهى تعطى النموذج الأسوأ للشخص أو المؤسسة التى تخطط بدون وعى أو تفكير لاعمالها، فتختار ( أحر ) شهور العام موعدا لاحتفالاتها النهارية، مما أفرغ الاحتفالات تماما حتى من كونها فرصة لقضاء وقت جميل، وتمنى الذين لبوا الدعوة وحضروا، لو لم يفعلوا بسبب الحر القائظ وانعدام الماء البارد، وهربوا بأسرع ما يمكن حتى قبل ان تبدأ مراسيم الاحتفال دعك من انتظار توزيع الشهادات على أبنائهم وبناتهم، وهو ما ظلوا يترقبونه سنوات طويلة، فغابت حتى هذه الجزئية التى حصرت فيها الجامعة احتفال التخريج !!
* هل يمكن ان يحدث هذا التخطيط السئ من شخص قاصر القدرات ليس له ادراك بأحوال المناخ ولا يميز بين فصل وفصل ونهار ومساء فيختار( نهار) أبريل القائظ موعدا لاهم احتفال فى حياته، ناهيك عن مؤسسة اكاديمية بحثية علمية ؟! ترى بماذا تجيب الجامعة اذا سألها أحد المدعوين الاجانب ان كان لديها كلية تقوم بتدريس الجغرافيا وعلوم المناخ ؟! لو كنت مكان جامعة الخرطوم لتظاهرت بالغباء وعدم الالمام باحوال المناخ فى السودان حتى أجد لنفسى العذر فى اختيار نهار أبريل موعدا للاحتفال !!
* فى الماضى كان احتفال التخريج بجامعة الخرطوم الحدث الابرز الذى يجسد كل القيم الجميلة، أكاديمية وغيرها ويعطى للخرطوم والسودان وجها زاهيا، ويعكس الأهمية العظمى للعلم ويحث الطلاب والشباب فى مراحل التعليم الاساسى على البذل والاجتهاد، أما الان فقد صار بلا قيمة ولا هدف ولا حتى لحظة أنس قصيرة، وهكذا تمضى مسيرة جامعة الخرطوم من منحدر الى منحدر آخر. كان الله فى عونها وعون العلم والتعليم !!

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: – 2009-05-2