عبد اللطيف البوني

خرطوم أحمد


[JUSTIFY]
خرطوم أحمد

منذ أن تفتحت آذاننا على هذه الحياة في منطقة الجزيرة سمعنا عبارة خرطوم أحمد وبسؤالنا عن سر هذه التسمية قيل لنا إن امرأة من الجزيرة جاءت الخرطوم لاول مرة لسبب من الاسباب فركبت التاكسي وشربت الماء البارد واكلت الرغيف بالسمك وتفرجت على شوارع المكتظة بالناس والبنات السمحات فعبرت عن اعجابها وبصورة عفوية قائلة (اريتا خرطوم أحمد ولدي) اخخخ يا حاجة ليتنا كنا مثلك لا نرى الا الوجه الجميل من الخرطوم ولا نعرف اي شيء عن سواهيها ودواهيها
فلندع جانبا الخرطوم المادية وما تموج به من تدافع وحركات وبركات ولننظر للخرطوم من زاوية اخرى لنرى انها اصبحت عدة خراطيم وان شئت قل عدة خرطومات فالعبد لله في هذا اليوم حتمت عليه الظروف أن يذهب للجامعة في أم درمان فبدأت بالفتيحاب حيث الطلاب ثم توجهت الى الثورة الحارة الاولى حيث الطالبات فالدنيا امتحانات ثم عدت إلى الخرطوم عبر بحري لان الشارع خفيف عبر كبري شمبات ثم كبري المك نمر فبهذا اكون قد شققت المدن الثلاث فالحياة عادية والشوارع مكتظة بالمارة من كل سنح السودان والعربات من كل انحاء الدنيا ولكن يبدو على الناس بصفة عامة شيء من الرهق مع الغلاء الطاحن حيث ساندوتش الفول بخمسة جنيهات.
عدت إلى البيت فأخرجت الصحف لتصفحها فوجدت الدنيا مقلوبة في الصفحات الاول وفي بعض التحقيقات وفي بعض الشمارات الصحفية ولكن هناك قدر لا بأس منه من التنوع في الصحيفة فهناك صفحة الجريمة التي ترعب وهناك الصفحات الفنية وصور المذيعات والفنانين والفنانات واستعداد القنوات والاذاعات لرمضان فالحمد لله الصفحات الفنية قد تسودنت وهناك الصفحات الرياضية حيث الحرب على اشدها بين صحفيي القمة وان شئت قل الغمة بضم الغين.
بعد الصحف تسكعت في القنوات السودانية ثم العالمية فوجدت خرطوما أخرى في القنوات السودانية كل شيء على ما يرام نشرات سياسية حكومية بحتة مع محاولات خجولة جدا (قدر ضنب الغنماية لا يستر عورة ولا يبعد الضبان) لإعطاء المعارضة فرصة في الإعلام الرسمي ثم سهرات غنائية ومنوعات تقديم مذيعات متصنعات قال عنهن حسن فضل المولى مبررا اختفاء اللون الاسمر لدى اناث التلفزيون انهن في المعاينات كن سمراوات وبعد شوية انقلبن ابيضات (كدا عرفنا الماهية مشت وين) .
ثم بعد ذلك فتحت اللابتوب لكي ارى ماذا في البلاد والدنيا فوجدت خرطوما اسفيرية ما أُنزل بها من سلطان، خرطوم لا تختلف عن بغداد او طرابلس الغرب، خرطوم لا مكان فيها لاي امل، خرطوم ميئوس منها وبلغة شرسه واسماء بعضها معلوم واكثرها مجهول، اخبار اختلط فيها الحقيقي بالمصنوع وبالموضوع لكن بيني وبينكم شغل جاذب لان البعد الشعبي وان شئت قل الفردي فيه واضح جدا فكل من يملك كي بورد اصبح اعلاميا ومالكا لوسيط اعلامي وليس متلقيا فالاحتكار الاعلامي قد انتهى إلى غير رجعة فالكل هنا يأخذ ويعطي.
عندما اويت لفراشي حاولت أن اعدد الخرطومات التي مررت بها في ذات اليوم فوجدت خرطوم العين ثم خرطوم الجرائد ثم خرطوم القنوات وثم خرطوم الاسافير فما دريت في اي خرطوم نحن ولكن الامر المؤكد أن خرطوم أحمد قد اختفت واصبح لا وجود لها فرحمها الله رحمة واسعة والبركة فيكم لا بل الفاتحة على روحكم.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]