الطاهر ساتي
( الكلام ).. صُنعَ خصيصاً للسودان ..!!
** أها .. ثم ماذا بعد حديث الورشة التي شارك فيها كل من يهمهم أمر الصناعة ..؟.. أى ، لمن شخصت ورشة البرلمان داء القطاع الصناعي ، ولمن وجهت مهمة توفير الدواء الذي يجب أن يقضي على الثالوث المدمر :الكهرباء والجمارك والضرائب ..؟.. طبعا شخصت الداء للحكومة ،وكذلك هى المناط بها مهمة توفير الدواء ، باعتبار أنها المسؤولة والقادرة على كبح جماح ثالوثها المدمر للقطاع الصناعي ..ولكن هل الحكومة كانت تجهل الداء والدواء طوال هذه الفترة ، حتى عرفتهما – أخيرا – من تلك الورشة ..؟..فالإجابة هى : لا ..فالحكومة تعرف كل شئ عن أزمة الصناعة الوطنية ، بل تعرف أشياء قد لا يعرفها الذين شاركوا في الورشة الأخيرة ..ولو أن كل مشارك في تلك الورشة رجع بذاكرته إلي الوراء قليلا ، لعلم بأن ورشتهم هذه ليست الأولى التي شخصت الداء وحددت الدواء ..نعم هناك ورش سابقة ، مؤتمرات سابقة ، سمنارات سابقة ، وعود سابقة ، ووو ، وكلها كانت كتلك الورشة تخرج بأصل الداء ثم توصي بأهمية الدواء..ولكن كالعهد بهم دائما ، يتركون توصياتهم عند عتبة مراسم ورشتهم ، ثم يخرجون من القاعة وهم يفكرون بجدية لا في تنفيذ تلك التوصيات، ولكن في أهمية توجيه الدعوة لبعضهم لعقد ورشة أخرى في أقرب وقت ، لتلت وتعجن – مرة أخرى – بهمة ونشاط ذات ..( التوصيات ) ..!!
** وهكذا الحال .. ورش في ورش ، كلام في كلام ، فقط لاغير ..ولهذا أغلقت المصانع أبوابها وشردت عمالها وأفسحت السوق لكل وارد من كل فج عميق ، حتى باتت رؤية عبارة من شاكلة : صنع في السودان أو فخر الصناعة الوطنية ، في أسواقنا بحاجة إلي مجاهر .. اختفت .. اختفت لأنها لم تجد الحماية اللازمة أمام ضربات جماركنا وضرائبنا ورسومنا وأتواتنا وجباياتنا وغيرها من وسائل التدمير المعترف بها رسميا .. وتأمل حديث رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان ، حيث يقول نصا : الملابس المستوردة تقابل بضريبة مقدارها دولار، بيد أن الملابس المحلية تقابل بضريبة مقدارها أربعة دولارت ..تأمل – صديقي القارئ – هذه المعادلة ..يدفع المصنع الوطنى لخزينة الدولة أربعة أضعاف ما يدفعه المصنع الأجنبي ..وهذا قد يكون نموذجا فقط لاغير ، وعلى ذلك قس ثم تحسر على الحماية المفقودة .. ثم تأمل النموذج التالي ،حيث يعترف نائب رئيس البرلمان ، محمد الحسن الأمين ، نصا : فشلنا أن نقوم بعملية تصنيع الصمغ ، وما تم تصنيعه لا يتوافق مع المعايير العالمية .. هكذا ينتقدون حال الصناعة موسميا ، أي عند حلول موسم الورش .. ينتقدون الحال وكأن المواطن هوالسبب أو كأن المراد هو ..( صناعة الكلام ) ..!!
إليكم – الصحافة الاربعاء 06/05/2009 .العدد 5696