جمال علي حسن

يا بروف.. هل نحن نعيش في معسكر


[JUSTIFY]
يا بروف.. هل نحن نعيش في معسكر

لا أركز كثيراً بالتفاعل مع مداولات النواب العاديين في البرلمان أو نواب مجلس الولايات، فمنطق نواب البرلمان وإحساسهم بالقضايا أصبح يقاس عندي بمنطق وفهم النائب حسب الرسول.. ولا أحتاج أن أقول شيئا عن حسبو وما أدراك ما حسبو..!
أما مجلس الولايات الذي يريد أن يصعد هذه الأيام على (الكفر) فإن نوابه قبل يومين يشكون ضعف مخصصاتهم بل يقف أحدهم ويطالب ـ مازحا أو جاداً لا أدري بالضبط ـ لكنه طالب بتضمين أسمائهم في كشوفات الزكاة؛ فلو كان جاداً في حديثه فإن في ذلك استفزازا لمشاعر الفقراء الذين لا تصلهم (كورية فتريتة) من ديوان الزكاة، أما لو كان هذا النائب قد استدعى سيرة الزكاة من باب التشبيه والمفارقة والمقارنة فإنه قد استفز مشاعر الفقراء المستحقين للزكاة والذين يقوم الديوان بدفعها لهم كحق شرعي.
ولكن ما يجعلنا نهتم بالأمر ونشعر بحالة من التوتر والإحباط مثل تلك (التنظيرات) الموجعة التي صدرت عن شخص بقامة البروفيسور عوض حاج علي، الذي طالب برفع الدعم الحكومي عن القمح، لأن النمط الغذائي في السودان حسب ظنه هو “الذرة” و”الدخن” وليس “القمح”.
يعني الحكومة الغارقة اقتصادياً والتي لديها استعداد لاهث لأن تتعلق (بالقشة) يدفع بروف عوض بأصبعه لها بهذه (القشة) حتى تلتقطها وتتعلق بها، ثم تأتي وتحلف لنا ستين يمين أن لا تتنازل عن قرارها الذي ستصدره برفع الدعم عن القمح تحقيقاً لظنون أمثال هؤلاء المثقفين الذين لا يمتلكون الحس السياسي والاجتماعي الذي يجعلهم يحسنون تقدير الموقف المناسب..
يا أخي ألا يكفيكم حملة رفع الدعم السابقة والتي (سلت روح المواطن) ولم تستمع فيها الحكومة لأي نصح وركبت رأسها ونفذت ما تريد..؟
كيف تقدم لهم مثل هذه النصيحة القاتلة في توقيت تكاد فيه حياة المواطن في هذا البلد توصف بأنها متوقفة تماماً؟..
من قال لك إن النمط الغذائي للشعب السوداني هو الدخن والذرة فقط وليس القمح؟، وإذا كان كلامك صحيحا فأين يذهب القمح الذي تدعمه الحكومة بكل هذه المبالغ..؟
ألا يأكله الناس؟.. ألا تأكله أنت نفسك؟.. أستحلفك بالله: ألا تأكل الخبز..؟ هل تعيش فقط بالذرة؟ وما قصة الكسرة التي يريدنا هؤلاء (المنظراتية) من المسؤولين والوزراء أن نأكلها ونترك الخبز..؟ وكيف تريد الحكومة أن تحدد لنا نمطاً غذائياً على (مزاج هؤلاء)؟.
يا أخي نحن نأكل الخبز.. كل البشر يأكلون الخبز.. الخبز ليس بنزينا يستفيد منه أصحاب السيارات.. وليس سيارة حكومية معفاة من الجمارك..
الحكومة لو رفعت الدعم عن الخبز فلن تستمر لمدة أسبوع واحد.. ستسقط وستكون مثل نصائحك هذه هي التي تسببت في إسقاطها وتغييرها..
لماذا يظن هؤلاء أننا نعيش داخل معسكر تدريب وليس داخل وطن ومن حقنا أن نعيش فيه كرماء أعزاء نأكل القمح ونشرب اللبن ونأكل اللحم مثلنا مثل خلق الله؟..
نصيحتي لقيادة الدولة أن لا تقدم على ارتكاب مثل هذا الخطأ القاتل برفع الدعم عن آخر سلعة مدعومة وهي خبز الحياة.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي