الخارجية.. بين قلنا ولم نقل
يوم الجمعة الماضية أصدرت وزارة الخارجية بياناً نفت فيه ما تم تداوله ضمن تصريحات الوزير علي كرتي لصحيفة الحياة اللندنية، من إشارة إلى منصات إيرانية كانت إيران طلبت نصبها في اتجاه السعودية.. ثم جاء نفي رسمي من الخارجية بعد أن انتشر الخبر الأول وعم القرى والحضر، بل نشرت الصحف الخليجية مقالاتها وحملاتها التي تنتقد كرتي.
لم تمض ساعات قليلة على هذا الملف الأول (الخبر ونفيه).. حتى نقلت وكالة الأنباء الفرنسية تصريحاً جديداً منسوباً لوكيل وزارة الخارجية لوكالة الأنباء الفرنسية يوم السبت ملأ صحف الدنيا الصادرة يوم الأحد بكل لغاتها يقول الخبر (أعلنت السلطات السودانية، السبت، أنه سيتم خلال أيام إطلاق سراح “مريم إبراهيم إسحق” التي حكمت عليها محكمة بالإعدام بتهمة الردة واعتناق المسيحية وقال عبد الله الأزرق وكيل وزارة الخارجية السودانية إن السيدة سيتم إطلاق سراحها خلال أيام وفقا لإجراءات قانونية عبر السلطة القضائية ووزارة العدل)..
وما إن طالعنا هذا الخبر – الذي قطع الطريق أمام جدل كثيف لكنه أشعل جدلا آخر – ما إن طالعناه وقبل أن نكمل قراءته جيِّدا حتى أصدرت وزارة الخارجية تصريحاً رسمياً على لسان المتحدث الرسمي للخارجية السودانية أبوبكر الصديق ينفي فيه المعلومات الواردة في خبر السبت تماماً ويقول إنه على غير علم بأي خطط لإطلاق سراح مريم إبراهيم قبل النطق بحكم الاستئناف، وإنه لا صحة لتلك الأنباء التي تم تداولها على لسان وكيل وزارة الخارجية، عبد الله الأزرق، حول إطلاق سراح مريم إبراهيم، المحكوم عليها بالإعدام..!
يا (أخوانا) ماذا يجري في وزارتكم؟ هل الوزارة مصابة بحالة (خرف)؟.. ففي قضية المنصات الصاروخية لنقل إن الكلام قد التبس على الإعلام العالمي.. رغم أن سيرة المنصات الإيرانية أصلاً لم يكن مناسباً أن يتحدث عنها وزير الخارجية في ذلك الحوار الصحفي، ولكن في القضية الثانية قضية مريم، كيف نقول إن وكالة أنباء بحجم وكالة الأنباء الفرنسية لم تفهم الكلام (الفرنسي) أو العربي الذي تحدث به وكيل وزارة الخارجية الأزرق في قضية مريم والتي أقول بحسب استنتاجات خاصة لكنها لا تقبل النفي.. إن قضية مريم المرتدة تحولت إلى ملف خلافي داخل دهاليز السلطة والمسؤولين في الدولة بين متحمسين لتنفيذ حكم الإعدام عليها وآخرين ينادون بترك الأمر للقضاء دون تأثير أو تدخل وبين فريق ثالث نظر للقضية بفقه آخر يميل إلى استخدام سلطات تقديرية تراعي ملابسات القضية وتداعياتها الخارجية..
وحسب تصريحات كرتي الأولى فإن من الواضح أن الخارجية لها موقف متحفظ على تنفيذ حكم الإعدام.. وهذا تحليل..
لكن على كل حال فإن كثرة بيانات النفي الصادرة عن وزارة الخارجية السودانية ليست دليل صحة وعافية بل وعلى العكس هي شاهد تأكيد على وجود خلل ما في آلية إنتاج المادة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية حتى..
خلل كبير طالما أنكم تصدرون البيان اليوم وتلحقونه ببيان نفيه ضحى الغد..!!